عبدك ملك الموت، والطف به، فإنه ضعيف، فيقول سبحانه وتعالى: ضع يمينك تحت خدك الأيمن، واضطجع بين الجنة والنار ومت فيموت بأمر الله تعالى".
وفي الآية (١): رد على الكافرين، حيث زعموا أن الموت من الأحوال الطبيعية، العارضة للحيوان بموجب الجبلة.
﴿الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ﴾؛ أي: جعل موكلًا بقبض أرواحكم عند حضور آجالكم ﴿ثُمَّ﴾ بعد موتكم ﴿إِلَى رَبِّكُمْ﴾ لا إلى غيره، ﴿تُرْجَعُونَ﴾؛ أي: تبعثون وتردون إلى لقاء ربكم للحساب والمجازاة فيجازيكم بأعمالكم، إن خيرًا فخير، وإن شرًا فشرّ.
وقرأ الجمهور (٢): ﴿ترجعون﴾ مبنيًا للمفعول، وزيد بن علي: مبنيًا للفاعل.
ومعنى الآية: أي قل يا محمد لهؤلاء المشركين: إن ملك الموت الذي وكل بقبض أرواحكم، يستوفي العدد الذي كتب عليه الموت منكم حين انتهاء أجله، ثم تردون إلى ربكم يوم القيامة أحياء كهيئتكم قبل وفاتكم، فيجازي المحسن منكم بإحسانه، والمسيء بإساءته. وفي هذا إثبات للبعث مع تهديدهم وتخويفهم، وإشارة إلى أن القادر على الإماتة، قادر على الإحياء.
فإن قلت (٣): إن الله تعالى أخبر هنا أن ملك الموت هو المتوفي والقابض، وفي آيةٍ أخرى: أن القابض هو الرسل؛ أي: الملائكة، وفي أخرى أنه هو تعالى، فما وجه الجمع بين هذه الآي؟
قلت: يجمع بينها: بأن ملك الموت يقبض الأرواح، والملائكة أعوان له يعالجون ويعملون بأمره، والله تعالى يزهق الروح، فالفاعل لكل فعل حقيقة، والقابض لأرواح جميع الخلائق هو الله تعالى، وأن ملك الموت وأعوانه وسائط.
(٢) البحر المحيط.
(٣) روح البيان.