المكر في قوله: ﴿بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ﴾؛ أي: لقاء الله في يومكم هذا.
وقد يعبر بالذوق عما يطرأ على النفس، وإن لم يكن مطعومًا، لإحساسها به كإحساسها بذوق المطعوم؛ أي: فإذا دخلوا النار.. قالت لهم الخزنة: ذوقوها وجربوها بسبب نسيانكم وترككم الاستعداد للقاء ربكم في يومكم هذا، بترك الإيمان والطاعات.
وفي "التأويلات النجمية": يشير إلى أنكم كنتم في الغفلة، والنائم لا يذوق ألم ما عليه من العذاب ما دام نائمًا، ولكنه إذا انتبه من نومه.. يذوق ألم ما به من العذاب، فالناس نيام، ليس لهم ذوق ما عليهم من العذاب، فإذا ماتوا انتبهوا، فقيل لهم: ذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا.
﴿إِنَّا نَسِينَاكُمْ﴾؛ أي: تركناكم في العذاب ترك المنسي بالكلية، استهانةً بكم، ومجازاةً لما تركتم، وفي "التأويلات النجمية": ﴿إِنَّا نَسِينَاكُمْ﴾ من الرحمة، كما نسيتمونا من الخدمة.
أي (١): فذوقوا العذاب بسبب تكذيبكم بهذا اليوم، واستبعادكم وقوعه، وعملكم عمل من لا يظن أنه راجع إلى ربه فملاقيه، ثم ذكر لهم جزاءهم على فعل المعاصي، فقال: ﴿إِنَّا نَسِينَاكُمْ﴾؛ أي: إنا سنعاملكم معاملة الناسي؛ لأنه تعالى لا ينسى شيئًا، ولا يضل عنه شيء، وهذا أسلوب في الكلام، يسمى أسلوب المشاكلة، ونحوه قوله: ﴿الْيَوْمَ نَنْسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا﴾ وقوله: ﴿تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ﴾ وقوله: ﴿وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا﴾.
﴿وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ﴾؛ أي: ذوقوا وباشروا العذاب المخلد في جهنم، الدائم الذي لا ينقطع أبدًا، فهو من إضافة الموصوف إلى صفته، مثل عذاب الحريق، ﴿بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾؛ أي: بسبب الذي كنتم تعملونه في الدنيا من الكفر والمعاصي، وهو تكرير (٢) للأمر للتأكيد وإظهار الغضب عليهم، وتعيين المفعول المطوي للذوق، والإشعار بأن سببه ليس مجرد ما ذكر من النسيان، بل له أسباب
(٢) روح البيان.