والمعنى: قالوا في سجودهم: سبحان الله وبحمده، أو: سبحان ربي الأعلى وبحمده، وقال سفيان: صلوا حمدًا لربهم، وجملة قوله: ﴿وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ﴾: إما حال من فاعل: ﴿خَرُّوا﴾؛ أي: خروا حال كونهم غير متكبرين عن السجود لله تعالى، كما استكبر أهل مكة، أو عطف (١) على صلة ﴿الَّذِينَ﴾؛ أي: لا يتعظمون عن الإيمان والطاعة، كما يفعل من يصر مستكبرًا كأن لم يسمعها.
وفي "التأويلات النجمية": ﴿وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ﴾ عن سجودك، كما استكبر إبليس أن يسجد لك إلى قبلة آدم، ولو سجد لآدم بأمرك.. لكان سجوده في الحقيقة لك، وكان آدم قبلة للسجود، كما أن الكعبة قبلة لنا في سجودنا لك. انتهى.
قال بعضهم: وليس الإنسان بمعصوم عن إبليس في صلاته، إلا في سجوده، لأنه حينئذٍ يتذكر الشيطان معصيته فيحزن، ويشتغل بنفسه، ويعتزل عن المصلي، فالعبد في سجوده معصوم من الشيطان، غير معصوم من النفس، فخواطر السجود، إما ربانية، أو ملكية، أو نفسية، وليس للشيطان عليه من سبيل، فإذا قام من سجوده.. غابت تلك الصفة عن إبليس، فزال حزنه واشتغل بك.

فصل: هذا محل سجود بالاتفاق


وهذه الآية من عزائم سجود القرآن، فيسن السجود عند تلاوتها للقارىء والمستمع، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان رسول الله - ﷺ - يقرأ السورة التي فيها السجدة فيسجد، ويسجدون حتى ما يجد أحدنا مكانًا لوضع جبهته في غير وقت الصلاة. متفق عليه.
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - ﷺ -: "إذا قرأ ابن آدم
(١) روح البيان.


الصفحة التالية
Icon