أخرجه ابن جرير عن قتادة، قال الصحابة: إن لنا يومًا يوشك أن نستريح فيه وننعم، فقال المشركون: ﴿مَتَى هَذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾، فنزلت هذه الآية.
التفسير وأوجه القراءة
١٨ - ﴿أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا﴾؛ أي: مصدقًا في إيمانه، كعلي بن أبي طالب وأضرابه ﴿كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا﴾ أي: كافرًا منافقًا في إيمانه كالوليد بن عقبة بن أبي معيط وأضرابه. وفي "السمين" أنه - ﷺ - كان يتعمد الوقف على قوله: ﴿فَاسِقًا﴾ ويبتدىء بقوله: ﴿لَا يَسْتَوُونَ﴾؛ أي: الفريقان: المؤمنون والفاسقون في الدنيا بالطاعة، وفي الآخرة بالثواب والكرامة عند الله تعالى، وكان بينهما كلام وتنازع، حتى قال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: يا فاسق، وفي "الكرخي": ﴿لَا يَسْتَوُونَ﴾؛ أي: شرفًا ومثوبةً، والضمير في ﴿يَسْتَوُونَ﴾ لمن الواقعة على الفريقين، وفيه مراعاة لمعنى ﴿من﴾ بعد مراعاة لفظها.
وعبارة "أبي السعود": قوله: ﴿أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا﴾... إلخ. الهمزة فيه: للإنكار، داخلة على مقدر؛ أي: أفبعدما بينهما من التفاوت والتباين، يتوهم كون المؤمن من الذي حكيت أوصافه، كالفاسق الذي ذكرت أحواله، لا، والتصريح بقوله: ﴿لَا يَسْتَوُونَ﴾ مع إفادة الإنكار، لنفي المساواة على أبلغ وجه وآكده للتأكيد، وليبني عليه التفصيل الآتي. انتهت.
فالاستفهام للإنكار؛ أي: ليس المؤمن كالفاسق، فقد ظهر ما بينهما من التفاوت، ولهذا قال: ﴿لَا يَسْتَوُونَ﴾، ففيه زيادة تصريح لما أفاده الإنكار الذي أفاده الاستفهام، قال الزجاج: جعل الاثنين جماعة حيث قال: ﴿لَا يَسْتَوُونَ﴾ لأجل معنى ﴿من﴾، وقيل: لكون الاثنين أقل الجمع.
والمعنى: أي فهذا الكافر المكذب وعد الله ووعيده، المخالف أمره ونهيه، كهذا المؤمن بالله، المصدق ووعده ووعيده، المطيع لأمره ونهيه، كلا، لا يستوون عند الله، ولا يتعادل الكفار به والمؤمنون.