السلمي، قدموا المدينة بعد غزوة أحد فنزلوا على عبد الله بن أبي بن سلول، وأعطاهم النبي الأمان على أن يكلموه، فقالوا: ارفض ذكر آلهتنا وقيل: إنها تنفع وتشفع وندعك وربك، ووازرهم المنافقون على ذلك، فهم المسلمون بقتلهم فنزلت الآية؛ أي: اتق الله في نقض العهد، ولا تطع الكافرين من أهل مكة، والمنافقين من أهل المدينة فيما طلبوا منك.
وقيل المعنى (١): أي ولا تطع الكافرين الذين يقولون لك: اطرد عنا أتباعك من ضعفاء المؤمنين حتى نجالسك، والمنافقين الذين يظهرون الإيمان والنصيحة، وهم لا يألونك وأصحابك إلا خبالًا، فلا تقبل لهم رأيًا، ولا تستشرهم مستنصحًا بهم، فإنهم أعداؤك، ويودون هلاكك، وإطفاء نور دينك.
روي: أنه لما قدم رسول الله - ﷺ -. المدينة تابعه ناس من اليهود نفاقًا، وكان يلين لهم جانبه، ويظهرون له النصح خداعًا، فحذره الله منهم، ونبهه إلى عداوتهم، ثم علل ما تقدم بقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ﴾ سبحانه وتعالى ﴿كَانَ﴾ (٢) على الاستمرار والدوام، لا في جانب الماضي فقط ﴿عَلِيمًا﴾ بالمصالح والمفاسد، فلا يأمرك إلا بما فيه مصلحة، ولا ينهاك إلا عما فيه مفسدة، ﴿حَكِيمًا﴾ لا يحكم بما تقتضيه الحكمة البالغة.
قال أبو السعود: وهذه الجملة للأمر والنهي: مؤكدة لمضمون وجوب الامتثال. أو المعنى: أي إن الله سبحانه عليم بما تضمره نفوسهم، وما الذي يقصدونه من إظهار النصيحة، وبالذي تنطوي عليه جوانحهم، حكيم في تدبير أمرك وأمر أصحابك، وسائر شؤون خلقه، فهو أحق أن تتبع أوامره وتطاع.
والخلاصة: أنه تعالى هو العلم بعواقب الأمور، الحكيم في أقواله وأفعاله وتدبير شؤون خلقه،
٢ - ثم أكد وجوب الامتثال، بأن الأمر هو مربيك في نعمه، الغامر لك بإحسانه، فهو الجدير أن يتبع أمره، ويجتنب نهيه، فقال: ﴿وَاتَّبِعْ﴾ يا
(٢) روح البيان.