فائدة: قال بعضهم (١): متى عرض ما يحيل معنى الشرط.. جعلت إن بمعنى إذ، وإذ: يكون للماضي، فلا منافاة هاهنا بين حرفي الماضي والاستقبال، قال البيضاوي: في قوله تعالى: ﴿فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا﴾ إن تفعلوا جزم بـ ﴿لَمْ﴾ فإنها لما صيرته؛ أي: المضارع ماضيًا صارت كالجزء منه، وحرف الشرط كالداخل على المجموع، وكأنه قال: فإن تركتم الفعل، ولذلك ساغ اجتماعهما؛ أي: حرف الشرط ولم. انتهى.
﴿وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ﴾ أيها الناس ﴿جُنَاحٌ﴾؛ أي: ذنب وإثم ﴿فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ﴾؛ أي: فيما فعلتموه من تلك الدعوة، مخطئين قبل النهي أو بعده، نسيانًا أو سبق لسان.
قال ابن عطية: لا تتصف التسمية بالخطأ إلا بعد النهي، والخطأ: العدول عن الجهة المقصودة؛ أي: لا إثم عليكم فيما وقع منكم من ذلك خطأ من غير عمد بالنسيان، أو سبق اللسان، فقول القائل لغيره: يا بني، بطريق الشفقة، أو يا أبي، أو يا عمي، بطريق التعظيم، فإنه مثل الخطأ لا بأس به، ألا ترى أن اللغو في اليمين مثل الخطأ وسبق اللسان.
﴿وَلَكِنْ﴾ الجناح والإثم فيـ ﴿مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ﴾؛ أي: فيما قصدت قلوبكم به بعد النهي، على أن ما في محل الجر عطفًا على ﴿مَا أَخْطَأْتُمْ﴾، أو المعنى: ولكن ما تعمدت قلوبكم فيه الجناح، على أن محل ﴿ما﴾ الرفع على الابتداء محذوف الخبر؛ أي: ولكن الجناح والإثم عليكم فيما فعلتموه عامدين، من نسبة الأبناء إلى غير آبائهم مع علمكم بذلك.
وخلاصة ما سلف (٢): أنه لا إثم عليكم إذا نسبتم الولد لغير أبيه خطأً غير مقصود، كان سهوتم أو سبق لسانكم بما تقولون، ولكن الإثم عليكم إذا قلتم ذلك تعمدين.
أخرج ابن جرير وابن المنذر وعن قتادة، أنه قال في الآية: لو دعوت رجلًا

(١) روح البيان.
(٢) المراغي.


الصفحة التالية
Icon