لغير أبيه، وأنت ترى أنه أبوه.. لم يكن عليك بأس، ولكن ما تعمدت وقصدت دعاءه لغير أبيه.
وفي الحديث: "من دعي إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه.. فالجنة عليه حرام".
﴿وَكَانَ اللَّهُ﴾ سبحانه وتعالى ﴿غَفُورًا﴾؛ أي: ستارًا لذنب من ظاهر زوجته، وقال الزور والباطل من القول، وذنب من ادعى ولد غيره ابنًا له، إذا تابا ورجعا إلى أمر الله، وانتهيا عن قيل الباطل، بعد أن نهاهما - ﴿رَحِيمًا﴾ بهما بقبول توبتهما، فلا يعاقبهما على ذلك بعد توبتهما.
فالمغفرة (١): هو أن يستر القادر القبيح الصادر ممن تحت قدرته، والرحمة: هو أن يميل إلى شخص بالإحسان لعجز المرحوم إليه، لا لعوض.
٦ - ثم ذكر سبحانه لرسوله مزيةً عظيمةً، وخصوصيةً جليلةً لا يشاركه فيها أحد من العباد، فقال: النبي محمد - ﷺ - ﴿أَوْلَى﴾؛ أي: أرأف وأشفق وأحرس ﴿بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ﴾؛ أي: النبي أشد (٢) ولايةً ونصرةً لهم من أنفسهم، فإن النبي - ﷺ - لا يأمرهم إلا بما فيه خيرهم وصلاحهم، ولا ينهاهم إلا عما يضرهم ويؤذيهم في دنياهم وآخرتهم، أما النفس، فإنها أمارة بالسوء، وقد تجهل بعض المصالح، وتخفى عليها بعض المنافع.
روي: أن النبي - ﷺ - أراد غزوة تبوك، فأمر الناس بالخروج، فقال ناس: نشاور آباءنا وأمهاتنا فنزلت.
والمعنى (٣): النبي - ﷺ - أحرى وأجدر بالمؤمنين من أنفسهم في كل أمر من أمور الدين والدنيا، كما يشهد به الإطلاق على معنى أنه لو دعاهم إلى شيء ودعتهم نفوسهم إلى شيء آخر.. كان النبي أولى بالإجابة إلى ما يدعوهم إليه من
(٢) المراغى.
(٣) روح البيان.