وورد في الخبر النبويّ، حين سُئل عن الدنيا، فقال: "دنياك ما يشغلك عن ربك". قيل: الشر (١) كله في بيت واحد، ومفتاحه حب الدنيا. وما أحسن من شبهها بخيال الظل حيث قال:
رَأَيْتُ خَيَالَ الظِّلِّ أَعْظَمَ عِبْرَةٍ | لِمَنْ كَانَ فِيْ عِلْمِ الْحَقَائِقِ رَاقِيْ |
شُخُوْصٌ وَأَصْوَاتٌ يُخَالِفُ بَعْضُهَا | لِبَعْضٍ وَأَشْكَالٌ بِغَيْرِ وِفَاقٍ |
تَمُرُّ وَتَقْضِي أَوْبَةً بَعْدَ أَوْبَةٍ | وَتَفْنَى جَمِيْعًا وَالْمُحَرِّكُ بَاقِيْ |
تَرُوْحُ لَنَا الدُّنْيَا بِغَيْرِ الَّذِيْ غَدَتْ | وَتَحْدُثُ مِنْ بَعْدِ الأمُوْرِ أُمُوْرُ |
وَتَجْرِيْ الليَالي بِاجْتِمَاعٍ وَفِرْقَةٍ | وَتَطْلُعُ فِيْهَا أَنْجُمٌ وَتَغُوْرُ |
فَمَنْ ظَنَّ أَنَّ الدَّهْرَ بَاقٍ سُرُوْرُهُ | فَذَاكَ مُحَالٌ لَا يَدُوْمُ سُرُوْرُ |
عَفَا الله عَمَّنْ صَيَّرَ الْهَمَّ وَاحِدًا | وَأَيْقَنَ أنَّ الدَّائِرَاتِ تَدُوْرُ |
وقيل المعنى (٢): وإن الدار الآخرة لهي الحياة الدائمة الخالدة، التي لا موت ولا فناء فيها، ذهب المفسرون إلى أن معنى الحيوان هنا: الحياة، وأنه مصدر بمنزلة الحياة، فيكون كالنزوان، والغليان، واللهيان، والجولان، والطوفان، وقد قيل في شأن الدنيا:
أَحْلاَمُ نَوْمٍ أَوْ كَظِلٍّ زَائِلٍ | إِنَّ اللَّبِيْبَ بِمِثْلِهَا لَا يُخْدَعُ |
(١) روح البيان.
(٢) الخازن.
(٢) الخازن.