اليماني: بالفوقية في الأول، والتحتية في الثاني، وقرأ ابن ذكوان في رواية عنه: بالتحتية فيهما.
ووجه تقديم مفعول الفعل الأول، وتأخير مفعول الثاني (١): أن الرجال لما كانوا أهل الشوكة، وكان الوارد عليهم أشد الأمرين، وهو القتل.. كان الاهتمام بتقديم ذكرهم أنسب بالمقام.
وقد اختلف في عدد المقتولين والمأسورين، فقيل: كان المقتولون من ست مئة إلى سبع مئة، وقيل: ست مئة، وقيل: سبع مئة، وقيل: ثمان مئة، وقيل: تسع مئة. وكان المأسورون سبع مئة. وقيل: سبع مئة وخمسين، وقيل: تسع مئة.
والمعنى: أي وألقى الله الرعب والخوف الشديد في قلوبهم حين نازلهم رسول الله - ﷺ -، وحاصرها خمسًا وعشرين ليلةً، فنزلوا على حكم سعد بن معاذ سيد الأوس، لأنهم كانوا حلفاءهم، فأحضره رسول الله - ﷺ - وقال له: "إن هؤلاء نزلوا على حكمك، فاحكم فيهم بما شئت" فقال - رضي الله عنه -: وحكمي نافذ فيهم؟ فقال رسول الله - ﷺ -: "نعم، فقال: إني أحكم أن تقتل مقاتليهم، وتسبى ذراريهم وأموالهم، فقال له رسول الله - ﷺ -: "لقد حكمت فيهم بحكم الله وحكم رسوله"، ثم أمر رسول الله - ﷺ - بالأخادية، فخدت في الأرض، وجيء بهم مكتوفي الأيدي، فضربت أعناقهم، وكانوا ما بين سبع مئة وثمان مئة، وسبي من لم ينبت منهم مع النساء، وسبي أموالهم.
والخلاصة (٢): أنه قذف الرعب في قلوبهم، حتى أسلموا أنفسهم للقتل، وأهليهم وأموالهم للأسر.
٢٧ - ﴿وَأَوْرَثَكُمْ﴾ أيها المؤمنون؛ أي: ملَّككم ملكًا، كالميراث في حصوله بلا مقابل ﴿أَرْضَهُمْ﴾؛ أي: مزارعهم وحدائقهم ﴿وَدِيَارَهُمْ﴾؛ أي: منازلهم وحصونهم ﴿وَأَمْوَالَهُمْ﴾؛ أي: حليهم وأثاثهم ومواشيهم وسلاحهم ونقودهم التي ادخروها، شبهت (٣) في بقائها على المسلمين بالميراث الباقي على الوارثين، إذ ليسوا في

(١) الشوكاني.
(٢) المراغي.
(٣) روح البيان.


الصفحة التالية
Icon