لها شيء، وهي واجبة في المطلقة التي لم يدخل بها، ولم يسم لها مهرًا عند العقد، ومستحبة في غيرها، والحكمة في (١) إيجابها: الجبر لما أوحشها الزوج بالطلاق، فيعطيها لتنتفع بها مدة عدتها، ويعتبر قدرها بحسب حال الزوج يسارًا وإعسارًا، كما هو مقرر في محله.
وقوله: ﴿وَأُسَرِّحْكُنَّ﴾؛ أي: أطلقكن، بالجزم معطهوف على ﴿أُمَتِّعْكُنَّ﴾. ﴿سَرَاحًا جَمِيلًا﴾؛ أي: طلاقًا حسنًا من غير ضرار ولا بدعة ولا صريح اللفظ، الذي يقع به الطلاق من غير نيةٍ، وهو لفظ الطلاق عند أبي حنيفة وأحمد، والطلاق والفراق والسراح عند الشافعي ومالك.
وقرأ (٢) الجمهور: ﴿أمتعكن﴾ بالتشديد من متع، وزيد بن علي: بالتخفيف من أمتع، وقرؤوا أيضًا: ﴿أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ﴾ بالجزم في الفعلين، وقرأ حميد الخراز: بالرفع في الفعلين على الاستئناف، والجزم على قراءة الجمهور على أنهما جواب الطلب، وقيل: على أنهما جواب الشرط، وعلى هذا فيكون قوله: ﴿فَتَعَالَيْنَ﴾ اعتراضًا بين الشرط وجزائه، ولا يضر دخول الفاء على جملة الاعتراض كقول الشاعر:
وَاعْلَمْ فَعِلْمُ الْمَرْءِ يَنْفَعُهُ | أنْ سَوْفَ يَأْتِي كُلُّ مَا قُدِرَا |
واعلم: أن الشارع إنما كره الطلاق ندبًا إلى الألفة وانتظام الشمل، ولما علم الله أن الافتراق لا بد منه لكل مجموع مؤلف، لحقيقةٍ خفيت عن أكثر
(٢) البحر المحيط.
(٣) روح البيان.