أو ترك، فلا يدخل فيها.
﴿عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ﴾ يقال: عرض لي أمر كذا؛ أي: ظهر. وعرضت له الشيء: أظهرته وأبرزته إليه، وعرضت الشيء على البيع، وعرض الجند: إذا أمرهم عليه، ونظر ما حالهم. والأمانة: ضد الخيانة، والمراد بها هنا: التكاليف الشرعية، والأمور الدينية المرعية.
﴿فَأَبَيْنَ﴾؛ أي: امتنعن من حملها، والإباء: شدة الامتناع، كما مر في مبحث التفسير.
﴿وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا﴾؛ أي: خفن منها. قال في "المفردات": الإشفاق: عناية مختلطة بخوف؛ لأن الشفق يحب المشفق عليه، ويخاف ما يلحقه، فإذا عدي بـ ﴿من﴾ فمعنى الخوف فيه أظهر، وإذا عدِّي بـ ﴿على﴾ فمعنى العناية فيه أظهر.
﴿ظَلُومًا﴾ والظلم: وضع الشيء في غير موضعه المختص به؛ إما بنقصان أو بزيادة، وإما بعدول عن وقته أو مكانه، ومن هذا: ظلمت السقاء: إذا تناولته في غير وقته، ويسمى ذلك اللبن: الظلم، وظلمت الأرض: إذا حفرتها، ولم تكن موضعًا للحفر، وتلك الأرض يقال لها: المظلومة، والتراب الذي يخرج منها ظليم. والظلم يقال في مجاوزة الحد الذي يجري مجرى النقطة في الدائرة، ويقال فيما يكثر ويقل من التجاوز، ولذا تستعمل في الذنب الصغير والكبير، ولذا قيل لآدم في تقدمه: ظالم، وفي إبليس ظالم، وإن كان بين الظلمين بون بعيد.
قال بعض الحكماء: الظلم ثلاثة:
أحدها: بين الإنسان وبين الله سبحانه، وأعظمه الكفر والشرك والنفاق.
والثاني: ظلم بينه وبين الناس.
والثالث: ظلم بينه وبين نفسه، وهذه الثلاثة في الحقيقة للنفس، فإن الإنسان أول ما يهم بالظلم، فقد ظلم نفسه.
﴿جَهُولًا﴾ والجهل: خلو النفس من العلم، وهو على قسمين: ضعيف: وهو الجهل البسيط، وقوي: وهو الجهل المركب الذي لا يدري صاحبه أنه لا يدري، فيكون محرومًا من التعلم، وكذا كان قويًا. وقال بعضهم: الإنسان ظلوم ومجهول؛


الصفحة التالية
Icon