والتاسعة: العفة، وذكرها بقوله: ﴿وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ﴾ فروجهن عن الحرام بالتعفف والتنزه، والاقتصار على الحلال، وحذف مفعول الثاني لدلالة المذكور عليه.
والعاشرة: كثرة الذكر، وذكرها بقول: ﴿وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ﴾ ذكرًا ﴿كَثِيرًا﴾ بقلوبهم وألسنتهم ﴿وَالذَّاكِرَاتِ﴾ الله كثيرًا، فحذف المفعول، كما في الحافظات؛ لعلمه من المذكور. والذاكر والذاكرة: هما من يذكر الله سبحانه على أحواله، وفي ذكر الكثرة دليل على مشروعية الاستكثار من ذكر الله سبحانه بالقلب واللسان، والمراد بكثرة الذكر: أن لا ينساه على كل حال، لا الذكر بكثرة اللغات. وفي "التأويلات": بجميع أجزاء (١) وجودهم الجسمانية والروحانية، بل بجميع ذرَّات المكونات، بل بالله وبجميع صفاته. وقال ابن عباس رضي الله عنهما: يريد أدبار الصلوات، وغدوًا وعشيًا، وفي المضاجع، وكلما استيقظ من نومه، وكلما غدا وراح من منزله ذكر الله. انتهى.
والاشتغال بالعلم النافع وتلاوة القرآن والدعاء من الذكر. وفي الحديث: "من استيقظ من منامه، وأيقظ امرأته، فصليا جميعًا ركعتين.. كتبا من الذاكرين الله كثيرًا والذاكرات". وعن مجاهد: لا يكون العبد من الذاكرين الله كثيرًا حتى يذكر الله قائمًا وقاعدًا ومضطجعًا. وروي عن النبي - ﷺ - أنه قال: "سبق المفردون"، قالوا: يا رسول الله، وما المفردون؟ قال: "الذاكرون الله كثيرًا والذاكرات".
وقال عطاء بن أبي رباح (٢): من فوض أمره إلى الله.. فهو داخل في قوله: ﴿إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ﴾، ومن أقر بأن الله ربه، ومحمدًا رسوله، ولم يخالف قلبه لسانه، فهو داخل في قوله: ﴿وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾، ومن أطاع الله في الفرض، والرسول في السنة.. فهو داخل في قوله: ﴿وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ﴾، ومن صان قوله عن الكذب.. فهو داخل في قوله: ﴿وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ﴾، ومن صلى، فلم يعرف من عن يمينه وعن شماله.. فهو داخل في قوله: ﴿وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ﴾، ومن تصدق في كل أسبوع بدرهم.. فهو داخل في قوله: ﴿وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ﴾، ومن صام في كل شهر أيام البيض - وهي: الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر -.. فهو

(١) روح البيان.
(٢) الخازن.


الصفحة التالية
Icon