والرزق، وانفراده بالإلهية، وأن يخبر بأن أحد الفريقين الموحدين للرازق، والمشركين به الجماد مبطل، والآخر محق، وقد قام الدليل على التوحيد، فدل على بطلان ما أنتم عليه من الشرك، وأن يقول لهم: لا تؤاخذون بما نعمل، ولا نؤاخذ بما تعملون، وأن يقول لهم: إن ربنا هو الذي يحكم بيننا يوم القيامة، وهو الحكيم العليم بجلائل الأمور ودقائقها، وأن يقول لهم: أعلموني عما ألحقتم به من الشركاء، هل يخلقون، وهل يرزقون؟ كلا، بل الله هو الخالق الرازق الغالب على أمره، الحكيم في كل ما يفعل.
قوله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ...﴾ الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أن الله سبحانه لما أقام (١) الأدلة على التوحيد، وضرب لذلك الأمثال حتى لم يبق بعدها زيادة مستزيد.. شرع يذكر الرسالة، ويبين أنها عامة للناس جميعًا، ولكن أكثر الناس لا يعلمون، فيحملهم ذلك على مخالفتك، ثم ذكر سؤال منكري البعث عن الساعة استهزاءً بها، ثم أعقب ذلك بالتهديد والوعيد لما يكون لهم فيها من شديد الأهوال.
أسباب النزول
قوله تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ...﴾ الآيات، سبب نزول هذه الآية: ما (٢) أخرجه ابن أبي حاتم عن علي بن رباح قال: حدثني فلان أن فروة بن مُسَيْك الغُطَيْفِي قدم على رسول الله - ﷺ -، فقال: يا نبي الله، إن سبأ قوم كان لهم في الجاهلية عز، وإني أخشى أن يرتدوا عن الإِسلام أفقاتلهم؟ فقال: ما أمرت فيهم بشيء بعد، فأنزلت هذه الآية ﴿لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ...﴾ الآيات.
التفسير وأوجه القراءة
١٥ - ﴿لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ﴾ بوزن جبل (٣)؛ أي: وعزتي وجلالي لقد كان لقبيلة سبأ، وهم أولاد سبأ بن يشجب - بالجيم - على ما في "القاموس" - بن يعرب بن

(١) المراغي.
(٢) لباب النقول.
(٣) روح البيان.


الصفحة التالية
Icon