وهذه الآية منسوخة أيضًا بآية السيف (١).
ومعنى الآية: أي قل لهم (٢): إن ربنا يوم القيامة يجمع بيننا حين الحشر والحساب، ثم يقضي بيننا بالعدل بعد ظهور حال كل منا ومنكم، وهو الحاكم العادل العالم بحقائق الأمور، وهناك يجزى كل عامل بما عمل، إن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر، وستعلمون يومئذ لمن العزة والنصرة والسعادة الأبدية، كما قال: ﴿وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ (١٤) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ (١٥) وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآخِرَةِ فَأُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ (١٦)﴾.
وقال الزروقي (٣): الفتاح: المتفضل بإظهار الخير والسعة على أثر ضيق، وانغلاق باب للأرواح والأشباح في الأمور الدنيوية والأخروية، وقال بعض المشايخ: الفتاح: من الفتح، وهو الإفراج عن الضيق، كالذي يفرّج تضايق الخصمين في الحق بحكمه، والذي يذهب ضيق النفس بخيره، وضيق الجهل بتعليمه، وضيق الفقر ببذله.
وقال الغزالي - رحمه الله تعالى -: الفتّاح: هو الذي بعنايته ينفتح كل منغلق وبهدايته ينكشف كل مشكل، فتارة يفتح الممالك لأنبيائه، ويخرجها من أيدي أعدائه، ويقول: ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (١) لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّر﴾، وتارة يرفع الحجاب عن قلوب أوليائه، ويفتح لهم الأبواب إلى ملكوت سمائه، وجمال كبريائه، ويقول: ﴿مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا﴾، ومن بيده مفاتيح الغيب ومفاتيح الرزق.. فبالأحرى أن يكون فتاحًا، وخاصية هذا الاسم تيسير الأمور، وتنوير القلوب، والتمكين من أسباب الفتح، فمن قرأه في إثر صلاة الفجر إحدى وسبعين مرة، ويده على صدره.. طهر قلبه، وتنور سره، وتيسير أمره، وفيه تيسير الرزق وغيره.
والعليم: مبالغة العالم، وهو من قام به العلم، ومن عرف أنه تعالى هو العالم

(١) الشوكاني.
(٢) المراغي.
(٣) روح البيان.


الصفحة التالية
Icon