مقابلته، فقد سمي البدل جنتين للمشاكلة، وإلا فالخمط والأثل والضال ليس بجنة.
ومنها: التهكم بهم في قوله: ﴿جَنَّتَيْنِ﴾.
ومنها: جناس الاشتقاق في قوله: ﴿وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا﴾ فإن كلمة ﴿سِيرُوا﴾ مشتقة من السير.
ومنها: التنكير في قوله: ﴿لَيَالِيَ وَأَيَّامًا﴾ إلماعًا إلى قصر أسفارهم، فقد كانت قصيرة؛ لأنهم يرتعون في بحبوحة من العيش، ورغد منه، لا يحتاجون إلى مواصلة الكد، وتجشم عناء الأسفار للحصول على ما يرفه عيشهم.
ومنها: التذييل في قوله: ﴿وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ﴾ فإنه تذييل لقوله: ﴿ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا﴾، وهو هنا أن تكون الجملة الثانية متوقفة على الأولى في إفادة المراد؛ أي: وهل يجازى ذلك الجزاء المخصوص، ومضمون الجملة الأولى أن آل سبأ جزاهم الله تعالى بكفرهم، ومضمون الثانية أن ذلك العقاب المخصوص لا يقع إلا للكفور، وفرق بين قولنا: جزيته بسبب كذا، وبين قولنا: ولا يجزى ذلك الجزاء إلا من كان بذلك السبب، ولتغايرهما يصح أن يجعل الثاني علة للأول، ولكن اختلاف مفهومهما لا ينافي تأكيد أحدهما بالآخر للزوم معنى.
ومنها: مقابلة الإيمان بالشك في قوله: ﴿إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ﴾ إيذانًا بأن أدنى مرتبة الكفر يوقع في الورطة.
ومنها: جعل الشك ظرفًا له، وتقديم صلته عليه، والعدول إلى كلمة ﴿مِنْ﴾ مع أنه يتعدى بفي؛ للمبالغة والاشعار بشدته، وأنه لا يرجى زواله.
ومنها: المبالغة في قوله: ﴿وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ﴾؛ لأن فعيلًا من صيغ المبالغة.
ومنها: فن الفرائد في قوله: ﴿حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ﴾، وهو أن يأتي المتكلم في كلامه بلفظة تتنزل منزلة الفريدة من حب العقد، وهي الجوهرة التي لا نظير لها، بحيث لو سقطت من الكلام لم يسد غيرها مسدَّها، وفي لفظة: ﴿فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ﴾ من غرابة الفصاحة ما لا مزيد عليه.
ومنها: التعجيز بدعاء الجماد الذي لا يسمع ولا يحس في قوله: {قُلِ ادْعُوا