والنهار وقت أمركم إيانا، ﴿أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ﴾؛ أي: بوحدانيته، ﴿وَنَجْعَلَ لَهُ﴾ سبحانه ﴿أَنْدَادًا﴾؛ أي: أشباهًا وأمثالًا، والمعنى: أي: وقال الأتباع للرؤساء في الضلال: صدَّنا مكركم بنا، وخداعكم في الليل والنهار حين كنتم تأمروننا أن نكفر بالله، ونجعل له أمثالًا وأشباهًا في العبادة.
وإجمال ذلك: ما صدَّنا إلا مكركم أيها الرؤساء بالليل والنهار، حتى أزلتمونا عن عبادة الله، فأنتم كنتم تغروننا وتنموننا وتخيروننا أننا على الهدى، وأنا على شيء، وكل ذلك باطل وكذب، ثم ذكر مآل أمرهم وسوء عاقبتهم، فقال: ﴿وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ﴾ والضمير فيه راجع إلى الفريقين؛ أي: وأضمر كل من الفريقين المستكبرين والمستضعفين الندامة والحسرة على ما فرط منهم في الدنيا من الكفر وأخفوها عن غيرهم، أو أخفاها كل منهم عن الآخر مخافة الشماتة، ﴿لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ﴾؛ أي: حين رأوا العذاب وعاينوه؛ إذ هم بهتوا مما عاينوا، فلم يستطيعوا أن ينطقوا ببنت شفة.
والخلاصة: أنهم ندموا على ما فرّطوا من طاعة الله في الدنيا حين شاهدوا عذابه الذي أعدّه لهم، وقيل: المعنى: أضمر الفريقان الندامة على ما فعلا من الضلال والإضلال حين ما نفعتهم الندامة، وأخفاها كل منهما عن الآخر مخافة التعيير، أو المعنى: أظهروا الندامة، فإنه من الأضداد، يكون تارة بمعنى الإخفاء، وتارة بمعنى: الإظهار؛ إذ الهمزة تصلح للإثبات والسلب، كما في أشكيته، وهو المناسب لحالهم، ومنه قول أمرىء القيس:
تَجَاوَزْتُ أَحْرَاسًا وَأَهْوَالَ مَعْشَرٍ | عَلَى حِرَاصٌ لَوْ يُسِرُّونَ مُقْتَلِيْ |