الأصنام والأوثان، كما أخبر الله عنهم: ﴿وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا (٨١)﴾، وأن العمل الطيب يرفع إلى الله ويحفظ لديه، ويجازي عليه، ثم أعقب ذلك بأن من يمكر بالمؤمنين ويريد خداعهم.. فالله يفسد عليه تدبيره ويجازيه بما عمل شر الجزاء، وبعد أن ذكر دليل البعث بما يشاهد في الآفاق من دلائل القدرة.. ذكر دليلًا عليه بما يرى في الأنفس من اختلاف أطوارها، فقد كانت ترابًا، ثم نطفة، ثم وضعت في الأرحام إلى أن صارت بشرًا سويًا، ومنها ما يمد في عمرها، ومنها ما يخترم قبل ذلك، كما تدل عليه المشاهدة، وكل ذلك يسير على الله سبحانه.
قوله تعالى: ﴿وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ﴾ الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه لما ذكر الأدلة على إثبات البعث، وضرب المثل لذلك بإحياء الأرض الميتة بعد إنزال الغيث عليها.. أردف هذا بذكر البراهين المختلفة على وحدانيته وعظيم قدرته بخلقه الأشياء المتحدة في الجنس المختلفة في المنافع، فهذا ماء عذب زلال يجري في الأقاليم والأمصار والبراري والقفار، يسقي منه الإنسان والحيوان، وينبت النبات الذي فيه غذاء لهما، وهذا ماء ملح أجاجٍ تسير فيه السفن الكبار، ويستخرج منه اللؤلؤ والمرجان، ومن كل منهما تأكل لحمًا طريًا فيه لذة للآكلين، وهذان ليل ونهار ضياء وظلام، يدخل أحدهما في الآخر، فأخذ هذا من طول ذاك، ويزيد هذا في قصر ذاك، فيعتدلان، ثم يتقارضان صيفًا وشتاءً، وسخر الشمس والقمر والنجوم الثوابت والسيارات بمقدار معين، وعلى نهج ثابت لا يتغير، وكل ذلك بتقدير العزيز العلم.
أما ما تدعون من دونه من الأصنام والأوثان.. فلا يملكون شروى نقير، ولا يسمعون لكم دعاءً، ولا يستجيبون لدعوة، ويوم القيامة يتبرؤون منكم إذا دعوتموهم واستشفعتم بهم، ولا ينبئك بهذا إلا الخبير، وهو ربك العلم بما كان وما سيكون.
أسباب النزول
قوله تعالى: ﴿أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ...﴾ الآية، سبب نزولها: ما أخرجه (١) ابن جويبر عن الضحاك عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال: أنزلت هذه الآية

(١) لباب النقول ببعض زيادة.


الصفحة التالية
Icon