الجناحين، يمدهما بقوة، وطائفة أجنحتهم أربعة أربعة. انتهى. وقال البيضاوي: ولعله لم يرد خصوصية الأعداد المذكورة ونفي ما زاد عليها؛ لما روي أنه - ﷺ - رأى جبرائيل ليلة المعراج وله ست مئة جناح، منها اثنان يبلغان من المشرق إلى المغرب، وفي هذا رمز إلى قوة استعداده الروحي، وقربه من الملأ الأعلى، وسرعة تنفيذه ما يؤمر به.
وذكر السهيلي: أن المراد بالأجنحة في حق الملائكة صفة ملكية، وقوة روحانية، وليست كأجنحة الطير، ولا ينافي ذلك وصف كل جناح منها أنه يسد ما بين المشرق والمغرب. هذا كلامه، كما في "إنسان العيون". وقال إسماعيل البروسوي: لا يجوز (١) العدول عن الظاهر مع إمكان الحمل على الحقيقة. وقد تظاهرت الروايات الدالة على إثبات الأجنحة للملائكة، وإن لم تكن كأجنحة الطير من حيث إن الله تعالى باين بين صور المخلوقات والملائكة، وان كانوا روحانيين، لكن لهم أجسام لطيفة، فلا يمنع أن يكون للأجسام أجنحة جسمانية، كما لا يمنع أن يكون للأرواح أجنحة روحانية نورانية، كما ثبت لجعفر الطيار رضي الله عنه.
والحاصل: أن المناسب لحال العلويين أن يكونوا طائرين، كما أن المناسب لحال السفليين أن يكونوا سائرين، ومن أمعن النظر في خلق الأرض والجو.. عرف ذلك، ويؤيد ما قلنا إن البراق، وإن كان في صورة البغل في الجملة، لكنه لما كان علويًا.. أثبت له الجناح، نعم إن الأجنحة من قبيل الإشارة إلى القوة الملكية، والإشارة لا تنافي العبارة هذا.
وقيل: لم يجمع الله سبحانه في الأرض لشيء من خلقه بين الأجنحة والقرون والخراطيم والقوائم إلا لأضعف خلقه، وهو البعوض.
وجملة قوله: ﴿يَزِيدُ﴾ سبحانه وتعالى ﴿فِي الْخَلْقِ﴾؛ أي: في أي خلق كان من الملائكة وغيرهم، فاللام للجنس، والخلق بمعنى: المخلوق ﴿مَا يَشَاءُ﴾؛ أي: كل ما يشاء أن يزيده بموجب مشيئته ومقتضى حكمته من الأمور التي لا يحيط بها الوصف مستأنفة مقررة لما قبلها من تفاوت أحوال الملائكة.
فليس تفاوت أحوال الملائكة في عدد الأجنحة (٢)، وكذا تفاوت أحوال

(١) روح البيان.
(٢) روح البيان.


الصفحة التالية
Icon