الأرواح في الأرض إلى الأجساد ثمّ تدخل في الخياشيم فتمشي في الأجساد مشي السمّ في اللديغ، ثمّ تنشق الأرض، فيخرجون حفاة عراة، والله أعلم.
١٠ - ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ﴾ ويودّ ويطلب ﴿الْعِزَّةَ﴾ والشرف والمنعة. ﴿فـ﴾ ليطلبها من عنده تعالى بلزوم طاعته وتقواه، لا من عند غيره فإنه ﴿لِلَّهِ﴾ وحده لا لغيره ﴿الْعِزَّةَ﴾ والمنعة حال كونها ﴿جَمِيعًا﴾؛ أي: في الدنيا والآخرة؛ أي: عزة الدنيا والآخرة، لا يملك غيره شيئًا منها، فاستغنى عن ذكر الجواب بذكر دليله إيذانًا بأن اختصاص العزة به تعالى موجب لتخصيص طلبها به تعالى، ونظيره قولك: من أراد العلم فهو عند العلماء؛ أي: فليطلبه من عندهم؛ لأن الشيء لا يطلب إلا من عند صاحبه ومالكه، فقد أقمت الدليل مقام المدلول.
فإن قلت: قد أثبت العزة في آية أخرى لله ولرسوله وللمؤمنين، وهنا خصّها بالله سبحانه، فبينهما معارضة؟.
قلت: يجمع بينهما أن عز الربوبيّة والإلهيّة لله تعالى وصفًا، وهذا هو المراد هنا، وعزّ الرسول والمؤمنين له تعالى فعلًا ومنّةً وفضلًا، فإذًا العزة لله جميعًا، فعزة الرسول والمؤمنين أثر عزة الربوبية، وقال الزمخشري: لا تنافي بينهما؛ لأنّ العزة في الحقيقة لله بالذات، وللرسول بواسطة قربه من الله، وللمؤمنين بواسطة الرسول، فالمحكوم عليه أوّلًا غير المحكوم عليه ثانيًا، قيل: معنى هذا الكلام: من كان يريد أن يعلم من له العزة فلله العزة جميعًا؛ أي: العزة كلهامختصة بالله، عزة الدنيا، وعزة الآخرة، وقيل: من كان يريد العزة فليتعزّز بطاعة الله فقال: فهو دعاء، إلى طاعة من له العزة؛ أي: فليطلب العزة من عند الله تعالى بطاعته وتقواه، وذلك أن الكافرين كانوا يتعزّزون بالأصنام، كما قال: ﴿وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا (٨١)﴾، وأنّ الذين آمنوا بألسنتهم من غير مواطاة قلوبهم كانوا يتعزّزون بالمشركين، كما قال: ﴿الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا (١٣٩)﴾ فبيّن أن لا عزة إلا لله ولرسوله ولأوليائه المؤمنين. اهـ. "خازن" بتصرف. وفي "القرطبي": ويحتمل أن يريد سبحانه أن ينبِّه ذوي الأقدار والهمم من أين تنال العزة، ومن أين تستحق، فتكون الألف واللام للاستغراق، وهذا هو المفهوم من هذه الآية.