عز وجل، وروي معناه عن الضحاك، فالضمير في عمره يرجع إلى معمر آخر غير الأول على حد: عنده درهم ونصفه؛ أي: نصف درهم آخر.
وقرأ الجمهور (١): ﴿وَلَا يُنْقَصُ﴾ بضم الياء وفتح القاف مبنيًا للمفعول. وقرأ يعقوب وسلّام وعبد الوارث وهارون كلاهما عن أبي عمرو: ﴿ولا يَنقُص﴾ بفتح الياء وضم القاف مبنيًا للفاعل. وقرأ الحسن (٢) والأعرج والزهري: ﴿من عمْره﴾ بسكون الميم، وقرأ الباقون: بضمها، وهما لغتان، كالسحت والسحت، والنكر والنكر، والعمر: اسم لمدة عمارة البدن بالحياة.
﴿إِنَّ ذَلِكَ﴾ المذكور من الخلق وما بعده، أو إن كتابة الأعمال والآجال ﴿عَلَى اللَّهِ﴾ سبحانه وتعالى ﴿يَسِيرٌ﴾ غير متعذر عليه، بل هو يسير لا يتعذر عليه منها شيء ولا يعسر لاستغنائه عن الأسباب، فكذلك البعث. اهـ. "قرطبي". وفي "بحر العلوم": إن ذلك إشارة إلى أن الزيادة والنقص على الله يسير، لا يمنعه منه مانع، ولا يحتاج فيه إلى أحد، ولا يعزب عنه كثير ولا قليل، ولا كبير ولا صغير.
ومعنى الآية: ﴿وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ...﴾ الخ؛ أي (٣): واللهُ خلق الناس من النطفة، والنطفة من الغذاء، والغذاء ينتهي آخرًا إلى الماء والتراب، فهم من تراب صار نطفة، ثم جعلهم أصنافًا ذكرانًا وإناثًا بقدر معلوم؛ بحيث يكاد الفريقان يستويان عددًا، ولو لم يكن كذلك لفني الإنسان والحيوان؛ إذ حفظ النوع لا يتم إلا بتلك المساواة على وجه التقريب، ولا تكون المساواة إلا بتدبير وعلم، وإلى ذلك أشار بقوله: ﴿وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ﴾؛ أي: ولا تحمل الأنثى ولا تضع إلا وهو عليم بذلك لا يخفى عليه، ولو لم يكن كذلك لم يتم التوازن في العدد بين الزوجين، فيفنى الإنسان والحيوان، ونحو الآية قوله: ﴿اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ (٨) عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ (٩)﴾.
﴿وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ...﴾ إلخ؛ أي: لا أحد يقضى له بطول العمر
(٢) البحر المحيط.
(٣) المراغي.