وقرأ الجمهور (١): ﴿وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ﴾ بتخفيف ﴿لكن﴾ ﴿رَسُولَ﴾ على إضمار كان لدلالة كان المتقدمة عليه. قيل: أو على العطف على ﴿أَبَا أَحَدٍ﴾، وقرأ عبد الوارث عن أبي عمرو بالتشديد، والنصب على أنه اسم لكن، والخبر محذوف، تقديره: ولكن رسول الله وخاتم النبيين هو؛ أي: محمد - ﷺ -، وحذف خبر لكن وأخواتها جائز إذا دل عليه دليل، كقول الشاعر:
فَلَوْ كُنْتُ ظَبْيًا مَا عَرَفْتَ قَرَابَتِيْ | وَلَكِنَّ زِنْجِيًّا عَظِيْمَ الْمَشَافِرِ |
﴿وَكَانَ اللَّهُ﴾ سبحانه وتعالى ﴿بِكُلِّ شَيْءٍ﴾ من الموجودات ﴿عَلِيمًا﴾؛ أي: عالمًا. ومن جملة معلوماته هذه: الأحكام المذكورة هنا، وأنه لا نبي بعده، فيعلم من يليق بأن يختم به النبوة، وكيف ينبغي لشأنه، ولا يعلم أحد سواه ذلك.
والخلاصة: أنه سبحانه يعلم من الأجدر بالبدء به من الأنبياء، ومن الأحق بأن يكون خاتمهم، ويعلم المصالح في ذلك، ونحو الآية قوله: ﴿اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ﴾.
قال ابن كثير في تفسير هذه الآية (٢): هي نص على أنه لا نبي بعده، وإذا كان لا نبي بعده.. فلا رسول بطريق الأولى، والأحرى، لأن مقام الرسالة أخص من مقام النبوة، فإن كل رسول نبي، ولا ينعكس. وبذلك وردت الأحاديث المتواترة عن رسول الله - ﷺ -، فمن رحمة الله بالعباد إرسال محمد إليهم، ثم من تشريفه له ختم الأنبياء والمرسلين به، وإكمال الدين الحنيف له. وقد أخبر الله في كتابه، ورسوله في السنة المتواترة، عن: أنه لا نبي بعده؛ ليعلموا أن كل من ادَّعى هذا
(١) البحر المحيط.
(٢) ابن كثير.
(٢) ابن كثير.