بمنزلة اليد للإنسان.
﴿مَا يَفْتَحِ اللَّهُ﴾ والفتح في الأصل: إزالة الإغلاق، وفي العرف: الظفر، ولما كان سببًا للإرسال والإطلاق استعير له بقرينة لا مرسل له مكان الفاتح.
﴿فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ﴾؛ أي: فكيف تصرفون عن التوحيد إلى الشرك من الأفك بالفتح، وهو: الصرف، يقال: ما أفكك عن كذا؛ أي: ما صرفك عنه، وقيل: هو من الإفك - بالكسر -، وهو الكذب، وفي "المختار": والأفك - بالفتح - مصدر أفكه؛ أي: قلبه وصرفه عن الشيء، وبابه ضرب، ومنه قوله تعالى: ﴿أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا﴾. ﴿تُرْجَعُ الْأُمُورُ﴾ من المرجع بمعنى الرد؛ أي: ترد إليه عواقبها.
﴿وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ﴾ الغَرور - بفتح الغين المعجمة - فعول من أوزان المبالغة، كالشكور والصبور، وفي "المفردات": الغرور كل ما يغر الإنسان من مال وجاه وشهوة وشيطان، سمي به هنا الشيطان؛ لأنه لا نهاية لغروره.
﴿لَكُمْ عَدُوٌّ﴾؛ أي: عظيم؛ لأن عداوته عامة قديمة، والعموم يفهم من قوله: ﴿لَكُمْ﴾ حيث لم يخص ببعض دون بعض، والقدم يفهم من اسمية الجملة الدالة على الاستمرار اهـ. "كرخي".
﴿فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ﴾ والذهاب المضي، وذهاب النفس كناية عن الموت، كما سيأتي في البلاغة.
﴿وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ﴾ والإرسال في القرآن على معنيين:
الأول: بمعنى البعثة، كما في قوله تعالى: ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ﴾.
والثاني: بمعنى الإطلاق والتسخير، كما في قوله تعالى: ﴿أَرْسَلَ الرِّيَاحَ﴾ وفي "المفردات": الإرسال يقال في الإنسان وفي الأشياء المحبوبة والمكروهة، وقد يكون ذلك للتسخير كإرسال الريح والمطر، وقد يكون ببعث من له اختيار نحو إرسال الرسل، وقد يكون ذلك بالتخلية وترك المنع نحو: ﴿أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ﴾ والإرسال يقابل الإمساك.
و ﴿الرِّيَاحَ﴾: جمع ريح بمعنى الهواء المتحرك، أصله روح، ولذا يجمع على أرواح، وأما أرياح قياسًا على رياح فخطأ.


الصفحة التالية
Icon