وأن ما يدعون من دونه من الأصنام والأوثان لا يملك شيئًا، ولا يجلب نفعًا، ولا يدفع ضرًا.. أعقب لهذا بما هو فذلكة لما تقدم، وكالنتيجة له بأنه لا افتقار إلا إليه تعالى، ولا اتكال إليه إلا عليه، وهو الذي تجب عبادته وحده؛ لأن النفع والضر بيده، لا شريك له، ثم بيَّن أنه يوم القيامة لا تجزي نفس عن نفس شيئًا، ولا تستطيع دفع ضر عنها، ولو كانت ذات قرابة منها، ثم أرشد إلى أن البشارة والإنذار إنما تجدي نفعًا من يخشى الله ويخاف عقابه، وأن من يتزكى فنفع ذلك عائد إليه، وإلى الله عاقبة الأمور كلها، ومردها إليه.
قوله تعالى: ﴿وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ (١٩)...﴾ الآيات، مناسبتها لما قبلها: أن الله سبحانه لما بين طريق الهدى وطريق الضلالة، وذكر أن المستعد للإيمان قد اهتدى بهدى النذير، والجاحد المعاند قسا قلبه، ولم يستفد من هديه.. ضرب مثلًا به تنجلي حالهما، ثم ذكر أن الهداية بيد الله يمنحها من يشاء، وأن هؤلاء المشركيين كالموتى لا يسمعون نصيحة، ولا يهتدون بعظة، وأن الله سبحانه لم يترك أمة سدى، بل أرسل الرسل، فمنهم من أجاب دعوة الداعي ونجا، ومنهم من استكبر وعصى وكانت عاقبته الوبال والنكال في الدنيا، والنار في العقبى.
قوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً....﴾ الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أن الله سبحانه لما ذكر دلائل وحدانيته، وعظيم قدرته التي أعرض عنها المشركون عنادًا واستكبارًا.. أردف ذلك ذكر ما يرونه من المشاهدات الكونية المختلفة الأشكال والألوان، لعل ذلك يعيد إليهم أحلامهم، وينبه عقولهم إلى الاعتبار بما يرون ويشاهدون.
قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ...﴾ الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أن الله سبحانه لما بيَّن أن العلماء هم الذين يخشون الله ويخافون عقابه.. أردف ذلك بذكر حال العالمين بكتاب الله تعالى، العاملين بما فرض فيه من أحكام كإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة في السر والعلن، وأبان أن هؤلاء يرجون ثوابًا من ربهم كفاء أعمالهم، بل أضعاف ذلك فضلًا عن ربهم ورحمة، ويطمعون في غفران زلاتهم؛ لأنه الغفور الشكور لهم على ما أحسنوا من عمل.
قوله تعالى: ﴿وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ...﴾ الآيات، مناسبة هذه


الصفحة التالية
Icon