أن يتحرّى به فعل قبيح. انتهى. ومنه ما في هذه الآية، ولذا وُصف بالسيء.
والمعنى: ما زادهم إلا المكر السيء في دفع أمره - ﷺ -، وفي قتله وإهلاكه، ومعنى الآية؛ أي (١): ولكن حين جاءهم الرسول انعكست الآية، فما زادهم مجيئه إلا بعدًا عن الإيمان بالله، وانصرافًا عن الحق، واستكبارًا عن اتباع آياته، ومكروا بالناس مكرًا سيئًا، فصدّوهم عن سبيله.
والخلاصة: أنه قد تبين أن لا عهد لهم مع ادّعائهم أنهم أوفى الناس، ولا صدق لهم مع جزمهم بأنهم أصدق الخلق، وصار مثلهم مثل الإبل التي نفرت من ربها فضلت عن الطريق، فدعاها صاحبها، فازدادت بدعائه نفرة، وصارت بحيث يتعذّر أو يتعسّر ردّها.
وقرأ الجمهور (٢): ﴿وَمَكْرَ السَّيِّئِ﴾ بكسر همزة السيء، وقرأ الأعمش وحمزة بإسكانها وصلًا، فإما إجراءً للوصل مجرى الوقف، وإما إسكانًا لتوالي الحركات، وإجراءً للمنفصل مجرى المتّصل، وقد غلّط كثير من النحاة هذه القراءة؛ ونزَّهوا الأعمش على جلالته أن يقرأ بها، قالوا: وإنما يقف بالسكون، فغلط من روى عنه أنه كان يقرأ بالسكون وصلًا، وتوجيه هذه القراءة ممكن بأن من قرأ بها أجرى الوصل مجرى الوقف، كما في قول الشاعر:
فَالْيَوْمَ أَشْرَبْ غَيْرَ مُسْتَحْقِبِ | إِثْمًا مِنَ اللهِ وَلَا وَاغِلِ |
وَلَا يُجْزُوْنَ مِنْ حَسَنٍ بِسَئْيٍ | وَلَا يُجْزُوْنَ مِنْ غِلْظٍ بِلِيْنِ |
(٢) البحر المحيط والشوكاني.