﴿وَأَقْسَمُوا﴾ أقسم: حلف، أصله: من القسامة، وهي أيمان تقسم على أولياء المقتول، ثم صار اسمًا لكل حلف، كما في "المفردات".
﴿جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ﴾؛ أي: غاية اجتهادهم فيها، قال الفراء: للجهد بالفتح من قولك اجهد جهدك؛ أي: ابلغ غايتك، والجهد بالضم الطاقة، وعند غير الفراء كلاهما بمعنى الطاقة اهـ "زاده". وإنما كان القسم بالله غاية أيمانهم؛ لأنهم كانوا يحلفون بآبائهم وأصنامهم، فإذا اشتد عليهم الحال، وأرادوا تحقيق الحق.. حلفوا بالله.
﴿لَيَكُونُنَّ﴾ بضم النون الأولى مضارع، اتصل به واو الجماعة، ولم تباشره نون التوكيد، أصله: ليكونونن بثلاث نونات، أولاها نون الرفع، حذفت نون الرفع لتوالي الأمثال، وواو الجماعة لالتقاء الساكنين، وهو معرب مرفوع بثبوت النون لعدم مباشرته بنون التوكيد لوجود الفاصل، وهو واو الجماعة.
﴿نُفُورًا﴾؛ أي: تباعدًا عن الحق والهدى.
﴿اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ﴾، الاستكبار: التكبر، كالاستعظام بمعنى التعظم. ﴿وَمَكْرَ السَّيِّئِ﴾ قال الراغب: المكر: صرف الغير عما يقصده بحيلة، كما مر عنه ﴿وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ﴾ قال في "القاموس": حاق به يحيق حيقًا وحيوقًا وحيقانًا: أحاط به، كأحاق وحاق بهم العذاب: أحاط ونزل، كما في "المختار"، والحيق: ما يشتمل على الإنسان من مكروه فعله، أي: ولا يصيب ولا ينزل. ﴿يَنْظُرُونَ﴾ النظر هنا بمعنى الانتظار ﴿إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ﴾ والسنة: الطريقة، وسنة النبي: طريقته التي كان يتحراها، وسنة الله: طريقة حكمته. ﴿تَبْدِيلًا﴾ بوضع الرحمة موضع العذاب. ﴿تَحْوِيلًا﴾ بأن ينقل عذابه من المكذبين إلى غيرهم.
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع.
فمنها: التشبيه في قوله: ﴿كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ﴾.
ومنها: المبالغة في نحو ﴿كَفُورٍ﴾ و ﴿شكور﴾ ونحو: ﴿حَلِيمًا﴾ ﴿عَلِيمًا﴾ ﴿قَدِيرًا﴾؛ فإنها من صيغ المبالغة.


الصفحة التالية
Icon