٤ - ﴿عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ متعلق بـ ﴿الْمُرْسَلِينَ﴾، والمعنى: أي: إنك يا محمد لمن المرسلين الذين أرسلوا على طريقة مستقيمة، وهي التوحيد والاستقامة في الأمور كلها، قال ابن الجوزي: وأحسن (١) ما قيل في العربية أن يكون ﴿لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾ خبر ﴿إن﴾، ويكون قوله: ﴿عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٤)﴾ خبرًا ثانيًا لها، فيكون المعنى: إنك لمن المرسلين، إنك على صراط مستقيم. اهـ. ويجوز أن يكون على صراط مستقيم حالًا من الضمير المستكن في خبر ﴿إِنّ﴾، والمعنى: أي: أقسم بالقرآن المحكم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، إنك أيها الرسول لمن المرسلين الذين هم على دين قويم، وشرع مستقيم موصل إلى الجنة والرضى.
فإن قلت (٢): أيُّ حاجة إلى قوله: ﴿عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٤)﴾، ومن المعلوم أن الرسل لا يكونون إلا على صراط مستقيم؟
قلتُ: فائدته وصف الشرع بالاستقامة صريحًا، وإن دل عليه لمن المرسلين التزامًا، فجمع بين الوصفين في نظام واحد، كأنه قال: إنك لمن المرسلين الثابتين على طريق ثابت استقامته، وقد نكره ليدل له على أنه أرسل من بين الصراط على صراط مستقيم لا يوازيه صراط، ولا يكتنه وصفه في الاستقامة، فالتنكير للتفخيم، كما سيأتي.
٥ - ﴿تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (٥)﴾ قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وأبو بكر وأبو جعفر وشيبة والحسن والأعرج والأعمش: برفع اللام على أنه خبر مبتدأ محذوف، أي: هذا القرآن هو تنزيل العزيز في ملكه، الرحيم بخلقه؛ أي: منزل منه سبحانه وتعالى، عبر عن المنزل بالمصدر مبالغةً حتى كأنه نفس التنزيل، ويجوز أن يكون خبرًا لقوله: يس إن جعل اسمًا للسورة؛ أي: سورة يس منزل من العزيز الرحيم، لا مختلق من عند محمد - ﷺ -، وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي وطلحة والأشهب وعيسى بخلاف عنهما: بالنصب؛ إما على المصدرية؛ أي: نزَّل الله ذلك تنزيلًا من العزيز الرحيم، أو على المدح؛ أي: أمدح تنزيل العزيز الرحيم؛ أي: أمدح كتابًا منزلًا من العزيز الرحيم، وقرأ (٣) أبو حيوة وأبي بن كعب وأبو رزين وأبو العالية
(٢) روح البيان.
(٣) زاد المسير.