وهذا أدب أدَّب الله به الثقلاء، وعن عائشة رضي الله عنها: حسبك في الثقلاء أن الله تعالى لم يحتملهم، وقال: ﴿فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا﴾، فينبغي للضيف أن لا يجعل نفسه ثقيلًا، بل يخفف الجلوس، وكذا حال العائد، فإن عيادة المرضى لحظة. قيل للأعمش: ما الذي أعمش عينيك؛ قال: النظر إلى الثقلاء، وقد قيل:
إِذَا دخَلَ الثَّقِيْلُ بِأرْضِ قَوْمٍ | فَمَا لِلسَّاكِنِيْنَ سوَى الرَّحِيْلُ |
ومن علامة الأحمق الجلوس فوق القدر، والمجيء في غير الوقت، وقد قالوا: إذا أتى باب أخيه المسلم.. يستأذن ثلاثًا، ويقول في كل مرة: السلام عليكم يا أهل البيت، ثم يقول: أيدخل فلان، ويمكث بعد كل مرة مقدار ما يفرغ الآكل من أكله، ومقدار ما يفرغ المتوضؤ من وضوئه، والمصلي بأربع ركعات من صلاته، فإن أذن.. دخل، وخفف، وإلا رجع سالمًا عن الحقد والعداوة، ولا يجب الاستئذان على من أرسل إليه صاحب البيت رسولًا، فيأتي بدعوته قال الحامي:
أَدِّبُوْا النَّفْسَ أَيُّهَا الأَحْبَابُ | طُرُقَ الْعِشْقِ فَإِنَّ لَهَا آدَابُ |
والمعنى (٢): أي إن ذلك اللبث والاستئناس والدخول على هذا الوجه كان يؤدي النبي - ﷺ -؛ لأنه كان يمنعه من قضاء بعض حوائجه إلى ما فيه من تضييق
(١) البحر المحيط.
(٢) المراغي.
(٢) المراغي.