وللنساء في أمر الرجال، فإن كل واحد من الرجل والمرأة إذا لم يَرَ الآخر.. لم يقع في قلبه شيء.
قال في "كشف الأسرار": نقلهم عن مألوف العادة إلى معروف الشريعة ومفروض العبادة، وكانت النساء قبل نزول هذه الآية يبرزن للرجال، وبين أن البشر بشر، وإن كانوا من الصحابة، وأزواج النبي - ﷺ -، فلا يأمن أحد على نفسه من الرجال والنساء، ولهذا شدد الأمر في الشريعة بأن لا يخلو رجل بامرأة ليس بينهما محرمية كما قال - ﷺ -: "لا يخلون رجل بامرأة، فإن ثالثهما الشيطان"، وفي هذا أدب لكل مؤمن، وتحذير له من أن يشق بنفسه في الخلوة مع من لا تحل له، والمكالمة من دون حجاب لمن تحرم عليه.
والمعنى (١): ذلك السؤال من وراء حجاب أطهر لقلوبكم وقلوبهن من وساوس الشيطان ونزغاته؛ لأن العين رسول القلب، فإذا لم تر العين.. لم يشته القلب، فالقلب عند عدم الرؤية أطهر، وعدم الفتنة حينئذ أظهر. وجاء في الأثر: "النظر سهم مسموم من سهام إبليس" إذ الرؤية سبب للتعلق والفتنة، ألا ترى إلى قول الشاعر:
وَالْمَرْءُ مَا دَامَ ذَا عَيْنٍ يُقَلِّبُهَا | فِيْ أَعْيُنِ الْعِيْنِ مَوْقُوْفٌ عَلَى الْخَطَرِ |
يَسُرُّ مُقْلَتَهُ مَا سَاءَ مُهْجَتَهُ | لَا مَرْحَبًا بِانْتِفَاعٍ جَاءَ بِالضَّرَرِ |
أي: ما صح لكم (٢)، ولا استقام أن تؤذوه بشيء من الأشياء كائنًا ما كان، ومن جملة ذلك دخول بيوته بغير إذن منه، واللبث فيها على غير الوجه الذي يريده، وتكليم نسائه من دون حجاب، ولما كان رسول الله - ﷺ - قد قصر عليهن.. قصرهن
(٢) الشوكاني.