وتجردوا لعبادته، يسبحونه الليل والنهار لا يفترون، ويحضون الناس على فعل الخير، ويدفعون عنهم وسوسة الشيطان، ويتلون آياته على أنبيائه، حين نزولهم بالوحي إن ربكم لواحد، وهو رب السموات والأرض وما بينهما ورب المشارق والمغارب.
٦ - ﴿إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا﴾؛ أي: القربى منكم من الأرض، وأما بالنسبة إلى العرش فهي البعدى منه. والدنيا: تأنيث الأدنى بمعنى الأقرب ﴿بِزِينَةٍ﴾ عجيبة بديعة ﴿الْكَواكِبِ﴾ بالجر بدل من الزينة، على أن المراد بها: الاسم؛ أي: ما يزان به، لا المصدر. والتقدير: بعد طرح المبدل منه: إنا زينا السماء الدنيا بالكواكب، فإن الكواكب في أنفسها زينة عظيمة، فإنها في أعين الناظرين لها كالجواهر المتلألئة.
وقرأ الجمهور (١): ﴿بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ﴾ بإضافة زينة إلى الكواكب. والمعنى: زيناها بتزيين الكواكب؛ أي: بحسنها. وقرأ ابن مسعود، ومسروق بخلاف عنه. وأبو زرعة، وابن وثّاب، وطلحة، والأعمش، والنخعي، وحمزة بتنوين ﴿زينة﴾، وخفض ﴿الْكَواكِبِ﴾ على أنها بدل من الزينة، كما مر آنفًا. وقرأ عاصم في رواية أبي بكر عنه، وابن وثّاب، ومسروق بخلاف عنهما. والأعمش، وطلحة ﴿بزينةٍ﴾ منونًا ونصب ﴿الْكَواكِبِ﴾ على أن الزينة مصدر، وفاعله محذوف، والتقدير: بأن الله زيّن الكواكب، بكونها مضيئة حسنة في أنفسها، أو تكون الكواكب منصوبة بإضمار أعني، أو بدلا من السماء بدل اشتمال. وقرأ زيد بن علي، وابن عباس، وابن مسعود بتنوين ﴿زينة﴾، ورفع ﴿الكواكب﴾ على أنه خبر مبتدأ محذوف؛ أي: بزينة هي الكواكب. فإن قلت: لم خص سماء الدنيا بزينة الكواكب، مع أن بقية السموات مزينة بذلك.
قلت: لأنا إنما نرى سماء الدنيا دون غيرها.
وفي الآية (٢): إشارة إلى أن الزينة التي تدرك بالبصر يعرفها الخاصة

(١) البحر المحيط والشوكاني.
(٢) روح البيان.


الصفحة التالية
Icon