الأذناب، من التحريك المذكور، وهي الكواكب المنقضة، سواء كانت ذوات أذناب أو لا، وهذا لا ينافي ارتكاز الكواكب الغير الحادثة في أفلاكها أو تعليقها في السماء، أو بأيدي الملائكة كالقناديل المعلقة في المساجد، أو كونها ثقبًا في السماء، أو عروقًا نيرة من الشمس على ما ذهب إلى كل منها طائفة من أهل الظاهر والحقيقة. قال قتادة: جعل الله النجوم لثلاث: زينة للسماء، ورجومًا للشياطين، وعلامات يهتدى بها. فمن تأول فيها غير ذلك، فقد تكلف ما لا علم به، اهـ من «روح البيان».
وقرأ الجمهور (١) ﴿خَطِفَ﴾ ثلاثيًا بكسر الطاء. وقرأ الحسن، وقتادة بكسر الخاء والطاء مشددة. قال أبو حاتم: ويقال: هي لغة بكر بن وائل، وتميم بن مرة. وقرىء ﴿خَطّف﴾ بفتح الخاء وكسر الطاء مشددة، ونسبها ابن خالويه إلى الحسن، وقتادة، وعيسى. وعن الحسن أيضًا التخفيف. وأصله في هاتين القراءتين اختطف، ففي الأولى لما سكنت التاء للإدغام والخاء ساكنة كسرت لالتقاء الساكنين، فذهبت ألف الوصل وكسرت الطاء اتباعا لحركة الخاء. وعن ابن عباس ﴿خِطِف﴾ بكسر الخاء والطاء مخففة، أتبع حركة الخاء لحركة الطاء، كما قالوا: نعم. وقرىء ﴿فأتبعه﴾ مخففًا ومشددًا.
وقيل في تفسير معنى الآية على نهج ما سبق: ﴿وَلَهُمْ عَذابٌ واصِبٌ﴾؛ أي (٢): وأولئك لهم عذاب دائم، لتقصيرهم عن البحث في سر عظمة هذا الكون، والوصول بذلك إلى عظمة خالقه وبديع قدرته. ثم بيّن من وفّقهم الله تعالى، وأنعم عليهم ممن ظفروا بالمعرفة فقال: ﴿إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ (١٠)﴾؛ أي: إلا من لاحت له بارقة من ذلك الجمال، وعنّت له سانحة منه، فتخطفت بصيرته كالشهاب الثاقب، فحن إلى مثلها وصبت نفسه إلى أختها، وهام بذلك الملكوت العظيم باحثًا عن سر عظمته ومعرفة كنه جماله. وهم من اصطفاهم الله تعالى من عباده، وآتاهم الحكمة من لدنه، وأيدهم بروح من عنده.

(١) البحر المحيط.
(٢) المراغي.


الصفحة التالية
Icon