سليمان: معنى القراءتين واحد، والتقدير: قل يا محمد لهؤلاء المشركين بل عجبت من إنكاركم البعث، مع قيام البراهين الدالة عليه؛ لأن النبي - ﷺ - مخاطب بالقرآن. قال النحاس: وهذا قول حسن، وإضمار القول كثير. قال القاضي زكريا (١) قوله: ﴿بل عجبتُ ويسخرون﴾ بضم التاء على قراءة حمزة والكسائي. فإن قلت: ما وجهه، مع أن التعجب، روعة تعتري الإنسان عن استعظام الشيء، والله منزه عنها؟
قلت: أراد بالتعجب: الاستعظام، وهو جائز على الله تعالى، أو معناه: قل يا محمد: بل عجبت. وفي الذي تعجب قولان:
أحدهما: كفرهم بالقرآن.
والثاني: إنكارهم البعث، انتهى.
١٣ - ﴿وَإِذا ذُكِّرُوا﴾؛ أي: ودأبهم المستمر، أنهم إذا وعظوا بشيء من المواعظ ﴿لا يَذْكُرُونَ﴾؛ أي: لا يتعظون. قال سعيد بن المسيب؛ أي: إذا ذكر لهم ما حل بالمكذبين ممن كان قبلهم أعرضوا عنه، ولم يتدبروا، انتهى. وفيه إشارة إلى أنهم نسوا الله غاية النسيان، بحيث لا يذكرونه إذا ذكروا. يعني: بالله تعالى لا يتذكرون.
١٤ - ﴿وَإِذا رَأَوْا آيَةً﴾ أي: معجزة تدل على صدق القائل بالبعث. والسين، والتاء في قوله: ﴿يَسْتَسْخِرُونَ﴾ للمبالغة والتأكيد؛ أي: يبالغون في السخرية والاستهزاء. أو للطلب على أصله؛ أي: يستدعي بعضهم من بعض أن يسخر منها.
١٥ - ﴿وَقالُوا إِنْ هذا﴾؛ أي: ما هذا الخارق الذي تأتينا به ﴿إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾؛ أي: إلا سحر واضح، ظاهر سحريته. وفيه إشارة إلى أن أهل الإنكار إذا رأوا رجلًا يكون آية من آيات الله سبحانه يسخرون منه، ويعرضون عن الإيمان به، ويقولون لما يأتي به: إن هذا إلا سحر مبين، لانسداد بصائرهم عن رؤية حقيقة الحال، بغطاء الإنكار ونسبة أهل الهدى إلى الضلال.