١٩ - ثم ذكر سبحانه، أن بعثهم يقع بزجرة واحدة، فقال: ﴿فَإِنَّما هِيَ﴾ الضمير للقصة، أو البعثة المفهومة مما قبلها؛ أي: إنما قصة البعث أو البعثة ﴿زَجْرَةٌ﴾؛ أي: صيحة ﴿واحِدَةٌ﴾ من إسرافيل بنفخه في الصور عند البعث، لا تحتاج إلى الأخرى. و ﴿هِيَ﴾ إما ضمير مبهم، يفسره خبره، أو ضمير البعثة المذكورة في ضمن ﴿نَعَمْ﴾؛ لأن المعنى: نعم مبعوثون. والجملة جواب شرط مضمر، أو تعليل لنهي مقدر؛ أي: إذا أمر الله بالبعث، فإنما هي إلخ، أو لا تستصعبوه فإنما هي إلخ. والزجرة: الصيحة، كما سيأتي. وهي النفخة الثانية. ﴿فَإِذا هُمْ﴾ إذا للمفاجأة، والضمير للمشركين. وفي بعض التفاسير للخلائق كلهم؛ أي: فإذا هم قائمون من مراقدهم أحياء ﴿يَنْظُرُونَ﴾ حيارى إلى ما كانوا يوعدون به من قيام الساعة، أو يبصرون كما كانوا، أو ينتظرون ما يفعل بهم من الحساب والجزاء.
٢٠ - ﴿وَقَالُوا﴾؛ أي: قال أولئك المبعوثون، لما عاينوا البعث الذي كانوا يكذبون به في الدنيا: ﴿يا وَيْلَنا﴾؛ أي: يا هلاكنا احضر إلينا لنتعجب منك، فهذا أوان حضورك. وصيغة الماضي في ﴿قالُوا﴾ للدلالة على التحقق والتقرر. وقوله: ﴿هذا يَوْمُ الدِّينِ﴾ تعليل لدعائهم بالويل على أنفسهم، بطريق الاستئناف؛ أي: هذا اليوم، هو اليوم الذي نجازى فيه بأعمالنا، من الكفر والتكذيب للرسل. وإنما علموا ذلك، لأنهم كانوا يسمعون في الدنيا أنهم يبعثون ويحاسبون ويجازون بأعمالهم، فلما شاهدوا البعث، أيقنوا بما بعده أيضًا.
٢١ - فتقول الملائكة لهم بطريق التوبيخ والتقريع: ﴿هذا﴾ اليوم الحاضر هو ﴿يَوْمُ الْفَصْلِ﴾ والقضاء بين الخلائق، أو يوم الفرق بين فريقي الهدي والضلال. ﴿الَّذِي كُنْتُمْ﴾ على الاستمرار ﴿بِهِ تُكَذِّبُونَ﴾؛ أي: تكذبون به، وتقولون: إنه كذب ليس له أصل أبدًا. وتقديم الجار لرعاية الفاصلة.
والمعنى (١): أي وقال المنكرون للبعث في الدنيا، حين رأوا العذاب لنا: الويل والهلاك، فقد حل ميعاد الجزاء، وسنجازى بما قدمنا من عمل، كما وعدنا

(١) المراغي.


الصفحة التالية
Icon