ظالم، مع من كان معينًا له، أهل الخمر مع أهل الخمر، وأهل الزنا مع أهل الزنا، وأهل الربا مع أهل الربا، وغيرهم كل مع مصاحبه.
ومعنى الآية (١): أي ويقال للملائكة: احشروا الظالمين من كل مكان إلى موقف الحساب، مع أشباههم وأمثالهم، فاجعلوا ذوي المعاصي المتشابهة بعضهم مع بعض، فاجعلوا الزناة معًا، والآكلين لحوم الناس والناهشين لأعراضهم كذلك، واجعلوا عابدي الأصنام ومعبوديهم من الأوثان والأصنام معًا، ليكون في ذلك زيادة لهم في الحسرة، وعظيم التخجيل على ما أتوه من عظيم الشرك، وكبير المعصية. ﴿فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ﴾؛ أي: أرشدوهم إلى طريق جهنم ودلوهم عليها. وفي هذا زيادة في النكاية بهم. والازدراء بشأنهم. إذ كانوا في الدنيا يزدرون المؤمنين ويتقحمونهم.
٢٤ - ﴿وَقِفُوهُمْ﴾؛ أي: قفوا أيها الملائكة المشركين، واحبسوهم للحساب، ثم سوقوهم إلى النار بعد ذلك. وجملة قوله: ﴿إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ﴾ عن أعمالهم، وأقوالهم، وأفعالهم تعليل للجملة الأولى. وقال الضحاك: عن خطاياهم. وقيل: عن لا إله إلا الله. وقيل: عن ظلم العباد. وقرأ الجمهور: بكسر همزة ﴿إن﴾. وقرأ عيسى بن عمر بفتحها. قال الكسائي: أي: لأنهم أو بأنهم؛ أي: واحبسوهم أيها الملائكة في الموقف، حتى يسألوا عما كسبت أيديهم، واجترحوا من المعاصي والآثام، وعن تلك العقائد الزائغة التي زينها لهم الشيطان، فأضلهم عن سواء السبيل.
٢٥ - وقولوا أيها الملائكة للمشركين عند ذلك: ﴿مَا لَكُمْ﴾؛ أي: أي شيء ثبت لكم أيها المشركون حالة كونكم ﴿لا تَناصَرُونَ﴾؛ أي: لا ينصر بعضكم بعضا بالتخليص من العذاب، كما كنتم تزعمون في الدنيا، كما قال أبو جهل يوم بدر: ﴿نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ﴾. وجملة ﴿لا تَناصَرُونَ﴾ حال من معنى الفعل في ﴿ما لَكُمْ﴾؛ أي: ما تصنعون حال كونكم غير متناصرين، ومعناه: ما سبب عدم تناصركم، ولأي شيء لا ينصر بعضكم بعضًا، وقد كنتم في الدنيا تزعمون أنكم تتناصرون.

(١) المراغي.


الصفحة التالية
Icon