المؤمن، والمخلص، والصالح والعادل، ويهان الكافر، والمنافق، والمرائي والفاسق، والظالم. فيفرح من يفرح، ويتحسر من يتحسر، فللعباد موضع التحسر إن لم يتحسروا اليوم.
وقرأ عاصم وحمزة وابن عامر (١): بتشديد ﴿لما﴾، وباقي السبعة بتخفيفها، فمن شددها كانت عنده بمعنى إلا، و ﴿إِنْ﴾ نافية، ومن خفف ﴿لما﴾ جعل ﴿إِنَّ﴾ مخففة من الثقيلة، واللام في ﴿لَمَّا﴾ فارقة، و ﴿ما﴾ زائدة.
فائدة: وقال (٢) أبو عبد الله الرازي في كون لما بمعنى: إلا معنى مناسب، وهو أن ﴿لَمَّا﴾ كأنها حرفا نفي جميعًا، وهما: لم وما، فتأكد النفي، وإلا كأنها حرفا نفي: «إن ولا»، فاستعمل أحدهما مكان الآخر، انتهى. والمعنى؛ أي: وإن جميع الأمم ماضيها، وحاضرها، وآتيها ستحضر يوم القيامة بين يدي الله، فيجازيهم بأعمالهم خيرها وشرها، ولو أن من أهلك ترك لكان الموت راحة له، وما أحسن قوله:

ولو أنّا إذا متنا تركنا لكان الموت راحة كُلِّ حَيِّ
وَلكنَّا إذَا مِتنا بُعثنا وَنُسأل بعدها عن كلِّ شَيِّ
ونحو الآية قوله تعالى: ﴿وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمالَهُمْ﴾.
والخلاصة: أن الناس يجمعون للحساب والجزاء، ويوفى كل عامل جزاء عمله من خير أو شر.
٣٣ - ثم ذكر سبحانه البرهان على التوحيد، والحشر مع تعداد النعم وتذكيرها، فقال: ﴿وَآيَةٌ﴾؛ أي: علامة عظيمة، ودلالة واضحة على البعث والجمع والإحضار، وهو خبر مقدم للاهتمام به، وقوله: ﴿لَهُمُ﴾؛ أي: لأهل مكة، إما متعلق بآية؛ لأنها بمعنى: العلامة أو بمضمر هو صفة لها، والمبتدأ قوله: ﴿الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ﴾؛ أي: اليابسة الجامدة، قرأ أهل المدينة (٣): ﴿الميِّتة﴾ بالتشديد،
(١) البحر المحيط.
(٢) الفخر الرازي.
(٣) الشوكاني.


الصفحة التالية
Icon