والكأس مؤنثة بدليل ضميرها وصفتها، وتجمع على كؤوس وأكؤس وكاسات وكئاس. ﴿مِنْ مَعِينٍ﴾ قال أبو حيان: اسم فاعل من معن بضم العين كشريف من شرف؛ أي: من شراب معين، أو نهر معين ظاهر للعيون، أو خارج من العيون. وهو صفة للماء، من عان الماء، إذا نبع وصف به خمر الجنة؛ لأنها تجري كالماء. ومعنى ﴿بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ﴾؛ أي: بخمر من نهر جار على وجه الأرض. ﴿بَيْضاءَ﴾؛ أي: ذات بياض. ﴿لَذَّةٍ﴾؛ أي: ذات لذة أو هي تأنيث اللذ، يقال: لذ الشيء فهو لذ ولذيذ كقولك: رجل طب؛ أي: طبيب. فاللذ وصف، واللذة مؤنثة. وهي اسم للكيفية القائمة بالنفس، واسم للشيء اللذيذ.
﴿لا فِيها غَوْلٌ﴾ والغول اسم بمعنى الغائلة، يُطلق على كل أذية ومضرة. والغول أيضًا ما يغتال العقول، يقال: غاله يغوله غولًا إذا أفسده، ويقال: غالته الخمر شربها فذهبت بعقله أو بصحة بدنه. والغول مصدر، وهو الصداع، والسكر، وبُعد المسافة، والمشقة، وما انهبط من الأرض، والتراب الكثير. ويقال: غاله الشيء إذا أخذه من حيث لم يدر، وأهلكه من حيث لا يحس به. ومنه سمي السعلاة غولا بالضم. والسعلاة: سحرة الجن، كما سبق في سورة الحجر. وفي «بحر العلوم»؛ ومنه الغول الذي يراه بعض الناس في البوادي ولا يكذبه ولا ينكره إلا المعتزلة من جميع أصناف الناس، حتى جعلوه من كذبات العرب، مع أنه يشهد بصحته قوله - ﷺ -: «إذا تغولت الغيلان فنادوا بالأذان»، انتهى.
﴿يُنْزَفُونَ﴾ بالبناء للمجهول، من نزف الشارب إذا ذهب عقله، ويقال للسكران: نزيف ومنزوف، ويقال للمطعون: نزف فمات إذا خرج دمه كله. وفي «المفردات»: نزف الماء، نزحه كله من البئر شيئًا بعد شيء، ونزف دمه ودمعه؛ أي: نزح كله، ومنه قيل: سكران نزف؛ أي: نزف فمه بسكره. وقرىء ﴿ينزفون﴾ بالسكر من قولهم: أنزف القوم إذا نزف ماء بئرهم، انتهى.
﴿قاصِراتُ الطَّرْفِ﴾؛ أي: حابسات الأعين على أزواجهن لا ينظرن إلى