الشام، وهو البلد المعروف اليوم ببعلبك، وكان من ذهب، طوله عشرون ذراعًا كما مر في القصة.
أي: أتعبدون صنمًا عملتموه ربًا ﴿وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخالِقِينَ﴾؛ أي: وتتركون عبادة أحسن من يقال له خالق. ثم إن الخلق حقيقة في الاختراع والإنشاء والإبداع، ويستعمل أيضًا بمعنى التقدير والتصوير، وهو المراد به هاهنا؛ لأن الخلق، بمعنى: الاختراع لا يتصور من غير الله تعالى، حتى يكون هو أحسنهم. والمعنى: أحسن المصورين أو أحسن الخالقين لو وجدوا.
١٢٦ - وانتصاب الاسم الشريف في قوله: ﴿اللَّهَ رَبَّكُمْ﴾ على أنه بدل من ﴿أَحْسَنَ﴾ هذا على (١) قراءة حمزة، والكسائي، والربيع بن خيثم، وابن أبي إسحاق، ويحيى بن وثاب، والأعمش. فإنهم قرؤوا بنصب الاسمين. وقيل: النصب على المدح. وقيل: على عطف البيان. وقرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وعاصم، وأبو جعفر، وشيبة، ونافع بالرفع. قال أبو حاتم: بمعنى هو الله ربكم. قال النحاس، وأولى ما قيل: إنه مبتدأ وخبر بغير إضمار ولا حذف. وحكي عن الأخفش: أن الرفع أولى وأحسن. قال ابن الأنباري: من رفع أو نصب لم يقف على ﴿أَحْسَنَ الْخالِقِينَ﴾ على جهة التمام؛ لأن الله مترجم عن أحسن الخالقين على الوجهين جميعًا. والمعنى: إنه خالقكم وخالق من قبلكم، فهو الذي تحق له العبادة.
وقوله: ﴿وَرَبَّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ﴾ معطوف على ﴿رَبَّكُمْ﴾ على كلا الوجهين. والتعرض لذكر ربوبيته تعالى لآبائهم، للإشعار ببطلان آرائهم أيضًا
١٢٧ - ﴿فَكَذَّبُوهُ﴾؛ أي: إلياس. ﴿فَإِنَّهُمْ﴾؛ أي: فإن قومه بسبب تكذيبهم إياه ﴿لَمُحْضَرُونَ﴾؛ أي: لمدخلون في النار والعذاب، لا يغيبون منها، ولا يخفف عنهم كقوله: ﴿وَما هُمْ مِنْها بِمُخْرَجِينَ﴾، لأن الإحضار المطلق مخصوص بالشر عرفًا.
١٢٨ - وقوله: ﴿إِلَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (١٢٨)﴾ استثناء متصل من فاعل ﴿كذبوه﴾. فيه دلالة على أن من قومه من

(١) الشوكاني.


الصفحة التالية
Icon