على آلهتهم فالمؤمنون أولى بالصبر على عبادة معبودهم، والاستقامة في دينهم، بل الطالب الصادق، والعاشق الوامق أولى بالصبر والثبات على قدم الصدق، في طلب المحبوب المعشوق.
وقوله: ﴿إِنَّ هذا﴾ تعليل للأمر بالصبر، ولوجوب الامتثال به؛ أي: إن هذا الذي شاهدناه من محمد - ﷺ - من أمر التوحيد، ونفي آلهتنا، وإبطال أمرنا ﴿لَشَيْءٌ يُرادُ﴾ من جهته - ﷺ - إمضاؤه، وتنفيذه لا محالة من غير صارف يلويه، ولا عاطف يثنيه، لا قول يقال من طرف اللسان، أو أمر يرجى فيه المسامحة بشفاعة أو امتناع، فاقطعوا أطماعكم عن استنزاله عن رأيه، بواسطة أبي طالب، وشفاعته، وحسبكم أن لا تمنعوا من عبادة آلهتكم بالكلية، فاصبروا عليها، وتحملوا ما تسمعونه في حقها من القدح، وسوء المقالة، هذا ما ذهب إليه أبو السعود في «الإرشاد».
وقال في «تفسير الجلالين»: إن هذا لأمر يراد بنا، ومكر يمكر علينا، وقال سعدي المفتي: وسنح بالبال، أنه يجوز أن يكون المراد، أن دينكم لشيء يستحق أن يطلب، ويعض عليه بالنواجذ، فيكون ترغيبًا وتعليلًا للأمر السابق. وقال «صاحب الروح»: ويجوز أن يكون المعنى: إن الصبر والثبات على عبادة الآلهة التي هي الدين القديم يراد منكم، فإنه أقوى ما يدفع به أمر محمد - ﷺ -، كما قالوا: نتربص به ريب المنون، فيكون موافقا لقرينه في الإشارة إلى المذكور فيما قبله. أو إن شأن محمد - ﷺ -، لشيء يراد دفعه، وإطفاء نائرته بأي وجه كان، قبل أن يعلو ويشيع، كما دل عليه اجتماعهم على مكره - ﷺ - مرارًا، فأبى الله إلا أن يتم نوره.
ومعنى الآية (١): أي وانطلق أشراف قريش من مجلس أبي طالب، بعد ما بكّتهم رسول الله - ﷺ -، وشاهدوا تصلبه في الدين، ويئسوا مما كانوا يرجون منه بوساطة عمه، يتحاورون بما جرى، ويقلبون وجوه الرأي فيما يفعلون، ويقولون: