حين الرخاء.. أردفه ذكر أحوال المؤمنين، القانتين، الذين لا يعتمدون إلا على ربهم، ولا ينيبون إلا إليه، ويرجون رحمته، ويخافون عذابه.
قوله تعالى: ﴿قُلْ يا عِبادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ...﴾ الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه لما نفى المساواة، بين من يعلم ومن لا يعلم.. أردفه أمر رسوله، أن ينصح المؤمنين بجملة نصائح:
١ - تقوى الله وطاعته، لما في ذلك من جزيل الفوائد، فإذا تعذرت طاعته في بلد، تحولوا عنه إلى بلد آخر، يتمكنون فيه من الاشتغال بالعبادة والطاعة، كما فعل كثير من الأنبياء، ولهم كفاء ذلك أجر بغير حساب، فلا يقدر بمكيال، ولا ميزان.
٢ - أنه أمر بعبادة الله وحده، مخلصًا له الدين، وقد قال كفار قريش للنبي - ﷺ -: ما يحملك على هذا الدين الذي أتيتنا به، ألا تنظر إلى ملة أبيك إبراهيم، وجدك، وسادات قومك، يعبدون اللات والعزى، فأنزل الله سبحانه الآية، وأمره أن يكون أول المسلمين، وفي ذلك تنبيه، إلى كونه رسولًا من عند الله، واجب الطاعة.
٣ - أنه أمر أن يقول لهم: إني أخاف عذاب يوم القيامة إن عصيته، وفي ذلك إيماء إلى زجر غيره عن المعاصي.
٤ - أنه أمر أن يذكر لهم، أن الخاسر هو الذي يخسر نفسه، ويخسر أهله؛ لأنهم إن كانوا من أهل النار، فقد خسروهم كما خسروا أنفسهم، وإن كانوا من أهل الجنة، فقد ذهبوا عنهم ذهابا لا رجوع بعده أبدًا.
٥ - وصف النار، وأنها تحيط بهم من كل جانب، وهذا من أفظع أنواع العذاب، التي يخوّف بها عباده.
أسباب النزول
قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ...﴾ الآية، سبب (١)