والصفات. ﴿الْقَهَّارُ﴾ الذي بقهاريته لا يقبل الجنس، والشبه بنوع ما. وفي «الإرشاد»: قهار لكل الكائنات، كيف يتصور أن يتخذ من الأشياء الفانية ما يقوم مقامه؟.
والمعنى: أي تقدس أن يكون له ولد، فإنه هو الواحد الأحد، الفرد الصمد، وكل ما سواه مفتقر إليه، وهو الغني عما سواه، قهر الأشياء فدانت له، وتسلط على المخلوقات بقدرته. فذلت له تعالى، عما يقول الظالمون علوًا كبيرًا.
٥ - ولما نزه تعالى نفسه، ووصف ذاته بالوحدة، والقهر، ذكر ما دل على ذلك، من اختراع العالم العلوي والسفلي بالحق، وتكوير الليل والنهار، وتسخير النيرين، وجريهما على نظام واحد، واتساق أمرهما على ما أراد إلى أجل مسمى، وهو يوم القيامة، فقال: ﴿خَلَقَ﴾ وأوجد ﴿السَّماواتِ وَالْأَرْضَ﴾ وما بينهما من الموجودات، حال كونها ملتبسة ﴿بِالْحَقِّ﴾ والصواب، مشتملة على الحكم والمصالح، لا باطلًا وعبثًا، ومن كان هذا الخلق العظيم خلقه، استحال أن يكون له شريك، أو صاحبة أو ولد.
ثم بيّن كيفية تصرفه في السموات والأرض، فقال: ﴿يُكَوِّرُ اللَّيْلَ﴾؛ أي: يلف ظلام الليل على ضوء النهار ويغطيه به فيجيء النهار ويذهب الليل، والمعنى: يغشي كل واحد منهما الآخر، كأنه يلفه عليه لف اللباس على الملابس. وقيل المعنى: يكوّر الليل؛ أي: يضم بعض ساعاته على النهار، فيطول النهار كما في نهار الصيف، ويكوّر النهار؛ أي: يضم بعض ساعاته على الليل، فيطول الليل كما في ليل الشتاء، والتكوير في اللغة (١): طرح الشيء بعضه على بعض، يقال: كوّر المتاع إذا ألقى بعضه على بعض، ومنه: كوّر العمامة، فمعنى تكوير الليل على النهار: تغشيته إياه حتى يذهب ضوؤه، ومعنى تكوير النهار على الليل: تغشيته إياه حتى تذهب ظلمته، وهو معنى قوله تعالى: ﴿يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا﴾، هكذا قال قتادة وغيره، وقال الضحاك؛ أي: يلقي هذا