المجتنبين عنها، والهمزة للاستفهام الإنكاري (١) داخلة على محذوف دل عليه السياق، والفاء عاطفة على ذلك المحذوف، و ﴿مَنْ﴾ شرطية و ﴿حَقَّ﴾ بمعنى: وجب، وثبت، وكلمة العذاب قوله تعالى لإبليس: ﴿لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ (٨٥)﴾، وكررت الهمزة في الجزاء لتأكيد الإنكار، والفاء فيه فاء الجزاء، ثم وضع موضع الضمير ﴿مَنْ فِي النَّارِ﴾ لمزيد تشديد الإنكار والاستبعاد، والتنبيه على أن المحكوم عليه بالعذاب، بمنزلة الواقع في النار، وأن اجتهاده - ﷺ - في دعائهم إلى الإيمان سعي في إنقاذهم من النار؛ أي: تخليصهم، فإن الإنقاذ: التخليص من الورطة، كما في «المفردات».
والمعنى: أأنت يا محمد مالك أمر الناس، فمن حق وثبت عليه من الكفار عدلًا في علم الله تعالى، كلمة العذاب، فأنت تنقذه من النار بهدايتك ودعوتك؛ أي: لا تقدر أن تهديه، وتنقذه من النار، فالآية جملة واحدة من شرط وجزاء، وفيه (٢) إشارة إلى، أن من حق عليه في القسمة الأولى، أن يكون مظهرًا لصفات قهره إلى الأبد لا تنفعه شفاعة الشافعين، ولا يخرجه من جهنم وسخط الله وطرده وبعده جميع الأنبياء والمرسلين، وإنما الشفاعة للمؤمنين بدليل قوله تعالى: ﴿وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها﴾.
ومعنى الآية (٣): التسلية لرسول الله - ﷺ -؛ لأنه كان حريصًا على إيمان قومه، فأعلمه الله تعالى، أن من سبق عليه القضاء وحقت عليه كلمة الله، لا يقدر رسول الله - ﷺ - أن ينقذه من النار، بأن يجعله مؤمنًا، قال عطاء: يريد: أبا لهب، وولده، ومن تخلف من عشيرة النبي - ﷺ - عن الإيمان، وفي الآية تنزيل لمن يستحق العذاب منزلة من قد صار فيه، وتنزيل دعائه إلى الإيمان، منزلة الإخراج له من عذاب النار.
والمعنى (٤): أي أأنت مالك شؤون الناس ومصرف أمورهم، فمن حقت
(٢) روح البيان.
(٣) الشوكاني.
(٤) المراغي.