إلى الدنيا ليتلافوا ما فرط منهم، وبعد أن هددهم أعقب ذلك بما يدل على كمال قدرته وحكمته، بإظهاره للآيات، وإنزاله للأرزاق، وأنه أرفع الموجودات؛ لأنه مستغن عن كل ما سواه، وكل ما سواه محتاج إليه، وأنه ينزل الوحي على من يشاء من عباده؛ لينذر بالعذاب يوم الحساب والجزاء.
قوله تعالى: ﴿وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ...﴾ الآيات، مناسبتها لما قبلها: أنه سبحانه لما ذكر فيما سلف أن الأنبياء ينذرون الناس بيوم التلاق.. أعقب ذلك بذكر أوصاف هائلة، تصطك منها المسامع، وتشيب من هولها الولدان لهذا اليوم المهيب.
قوله تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ...﴾ الآية، مناسبتها لما قبلها: أنه سبحانه لما بالغ في تخويف الكفار بعذاب الآخرة.. أردفه بتخويفهم بعذاب الدنيا، فطلب إليهم أن ينظروا إلى من قبلهم، ممن كانوا أشد منهم قوة، فأخذهم أخذ عزيز مقتدر، إذ كذبوا رسلهم حين جاؤوهم بالبينات.
أسباب النزول
قوله تعالى: ﴿مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا...﴾ الآية، سبب نزول هذه الآية (١): ما أخرجه ابن أبي حاتم عن السدي عن أبي مالك: أنها نزلت في الحارث بن قيس السهمي.
التفسير وأوجه القراءة
١ - ﴿حم (١)﴾: اسم (٢) للسورة، ومحله الرفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف أي: هذه السورة مسماة بحم، نزلت منزلة الحاضر المشار إليه؛ لكونها على شرف الذكر والحضور.
وعن ابن عباس - رضي الله عنهما -: حمَ اسم الله الأعظم، وعنه قال: ﴿حم (١)﴾ اسم الله الأعظم، وعنه قال: ﴿آلر﴾ و ﴿حم (١)﴾ و ﴿نَ﴾: حروف، اسمه الرحمن مقطعة، وقيل الحاء: افتتاح أسمائه حليم وحميد وحي وحكيم وحنَّان،
(٢) روح البيان.