الرب تعالى، فيقول: ووالديكم معكم، فيثب كل طفل إلى أبويه، فيأخذون بأيديهم، فيدخلونهم الجنة، فهم أعرف بآبائهم وأمهاتهم يومئذ من أولادكم الذين في بيوتكم".
﴿إِنَّكَ﴾ يا ربنا ﴿أَنْتَ الْعَزِيزُ﴾ الغالب الذي لا يمتنع عليه مقدور ما ﴿الْحَكِيمُ﴾ الذي لا يفعل إلا ما تقتضيه الحكمة الباهرة، من الأمور التي من جملتها إنجاز الوعد والوفاء به
٩ - ﴿وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ﴾؛ أي (١): واحفظهم عما يسوْءُهم يوم القيامة، وادفع عنهم العقوبات؛ لأن جزاء سيئة سيئة، فتسميتها سيئة. إما لأن السيئة اسم للملزوم، وهو الأعمال السيئة، فأطلق على اللازم، وهو جزاؤها، أو المعنى: قهم جزاء السيئات، على حذف المضاف، على أن ﴿السَّيِّئَاتِ﴾ بمعنى الأعمال السيئة، وهو تعميم بعد تخصيص، لقوله: ﴿وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ﴾ أو عذاب القبر وموقف القيامة والحساب والسؤال والصراط ونحوها، أو مخصوص بمن صلح من الأتباع، والأول دعاء للأصول، قال أبو السعود: والضمير في ﴿وَقِهِمْ﴾: راجع للمعطوف، وهو الآباء والأزواج والذرية.
﴿وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ﴾؛ أي: ومن تصرف عنه سوء عاقبة ما ارتكب من السيئات ﴿يَوْمَئِذٍ﴾؛ أي: يوم القيامة ﴿فَقَدْ رَحِمْتَهُ﴾ ونجيته من عذابك؛ لأن (٢) المعافى من العذاب مرحوم، ويجوز أن يكون المراد بـ ﴿السَّيِّئَاتِ﴾ الأولى: المعاصي في الدنيا، فمعنى قوله: ﴿وَمَنْ تَقِ....﴾ إلخ؛ أي: ومن تقه المعاصي في الدنيا.. فقد رحمته في الآخرة، كأنهم طلبوا لهم السبب بعدما سألوا المسبب ﴿وَذَلِكَ﴾ المذكور من الرحمة والوقاية ﴿هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ الذي لا فوز أجمل منه، والظفر الجسيم الذي لا مطمع وراءه لطامع؛ إذ وجدوا بأعمال منقطعة نعيمًا لا ينقطع، وبأفعال قليلة ملكًا لا تصل العقول إلى كنه جلاله.
١٠ - ولما ذكر سبحانه حال أصحاب النار، وأنها حقت عليهم كلمة العذاب، وأنهم أصحاب النار.. ذكر أحوالهم بعد دخول النار، فقال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ بالله ورسله ﴿يُنَادَوْنَ﴾؛ أي: تناديهم الملائكة، وهم خزنة جهنم من مكان بعيد، تنبيهًا على بعدهم عن الحق: ﴿لَمَقْتُ اللَّهِ﴾ جواب قسم محذوف، والمقت: البغض

(١) روح البيان.
(٢) روح البيان.


الصفحة التالية
Icon