أقبل يمشي الأزفى بوزن الجمزى، وكأنه من الوزيف، و ﴿الهمزة﴾: بدل عن واو. وفي "الروح": الآزفة فاعلة من أزف الأمر على وزن علم: إذا قرب، والمراد: القيامة، ولذا أنث، ونظيره: ﴿أَزِفَتِ الْآزِفَةُ (٥٧)﴾؛ أي: قربت القيامة، وسميت بالآزفة لأزوفها، وهو القرب، لأن كل آت قريب، وإن استبعد اليائس أمده.
﴿لَدَى الْحَنَاجِرِ﴾ جمع حنجرة، وهي الحلقوم، وفي "القاموس": والحنجور: السِقط الصغير، وقارورة للذريرة، والحلقوم كالحنجرة، والحناجر جمعه. ﴿كَاظِمِينَ﴾ يقال: كظم غيظه؛ أي: رد غضبه وحبسه في نفسه بالصبر وعدم إظهار الأثر. ﴿وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ﴾ فيه إعلال بالنقل والتسكين والقلب، أصله: يطوع، نقلت حركة الواو إلى الطاء فسكنت، لكنها قلبت ألفًا لتحركها في الأصل وانفتاح ما قبلها الآن.
﴿خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ﴾ فيه إعلال بالقلب، أصله: خاونة؛ لأنه من خان يخون، واوي العين، قلبت الواو في الوصف همزةً حملًا له في الإعلال على فعله خان، حيث أعل بقلب الواو عينه ألفًا لتحركها بعد فتح، ﴿وَالَّذِينَ يَدْعُونَ﴾: أصله يدعوون بواوين: الأولى لام الكلمة، والثانية واو الجماعة، فاستثقلت الضمة على الواو لام الكلمة فحذفت، فلما سكنت.. التقى ساكنان، فحذفت لام الكلمة وبقيت واو الجماعة، فوزنه يَفعون. ﴿لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ﴾ أصله: يقضيون، استثقلت الضمة على الياء، فحذفت، فلما سكنت.. التقى ساكنان فحذفت الياء، ثم ضمت الضاد لمناسبة الواو.
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: الطباق بين ﴿الذَّنْبِ﴾ و ﴿التَّوْبِ﴾، وبين ﴿أَمَتَّنَا﴾ ﴿وَأَحْيَيْتَنَا﴾.
ومنها: الحصر في قوله: ﴿مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا﴾.
ومنها: المقابلة في قوله تعالى: ﴿ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا﴾ فقد قابل بين التوحيد والإشراك، والكفر والإيمان.


الصفحة التالية
Icon