لما قبلها: أن الله سبحانه لما سلى (١) رسوله - ﷺ - بذكر عاقبة الكفار الذين كذبوا الرسل قبله، بمشاهدة آثارهم.. سلاه أيضًا بذكر قصص موسى مع فرعون مع ما أوتي من الحجج الباهرة، كذبه فرعون وقومه، وأمروا بقتل أبناء بني إسرائيل، وأمر فرعون بقتل موسى خوفًا أن يبدل دينهم، أو يعيث في الأرض فسادًا، فتعوذ موسى بربه ورب بني إسرائيل من كل جبار متكبر، لا يؤمن بالجزاء والحساب.
قوله تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ...﴾ الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن ذلك المؤمن لما سمع رأي فرعون في موسى، وتصميمه على قتله، وإقامة البراهين على صحة رأيه، وأنه لا سبيل إلى العدول عن ذلك.. أعاد النصح مرةً أخرى لقومه، لعلهم يرعوون عن غيهم، ويتوبون إلى رشدهم، فذكرهم بأس الله سبحانه وسننه في المكذبين للرسل، وضرب لهم الأمثال بما حل بالأحزاب من قبلهم، كقوم نوح وعاد وثمود، ثم ذكرهم بأهوال يوم القيامة، يوم لا عاصم من عذاب الله، ثم أعقب ذلك بتذكيرهم بما فعل آباؤهم الأولون مع يوسف من قبل، من تكذيبهم برسالته ورسالة من بعده، فأحل الله بهم من البأس ما صاروا به مثلًا في الأخرين، وكان لسان حاله يقول: هاأناذا قد أسمعت ونصحت فما قصرت، والأمر إليكم فيما تفعلون. اهـ.
قوله تعالى: ﴿وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا...﴾ الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أن الله سبحانه لما ذكر فيما سلف تكبر فرعون وجبروته.. أبان هنا أنه بلغ من عتوِّه وتمرده وافترائه في تكذيب موسى - عليه الصلاة والسلام - أن أمر وزيره هامان أن يبني له قصرًا شامخًا من الآجر؛ ليصعد به إلى السماء ليطلع إلى إله موسى - عليه الصلاة والسلام -، ومقصده من ذلك الاستهزاء به، ونفي رسالته، وأكد ذلك بالتصريح بقوله: ﴿وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا﴾ ثم أرشد إلى أن هذا وأمثاله صنيع المكذبين الضالين، وأن عاقبة تكذيبهم الهلاك والخسران.
قوله تعالى: ﴿وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ...﴾ الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه لما حكى (٢) عن موسى أنه ما زاد حين سمع مقالة فرعون الداعية إلى قتله على أن استعاذ بالله من شره.. أردف ذلك ببيان أن الله

(١) المراغي.
(٢) المراغي.


الصفحة التالية
Icon