الجسد كله ألا وهي القلب". وقال مقاتل: المتكبّر: المعاند في تعظيم أمر الله تعالى، والجبّار: المسلّط على خلق الله، وقال قتادة: آية الجبابرة القتل بغير حق.
قال في "الكواشي": وكل على كلا القراءَتين لعموم الطبع جميع القلب لا لعموم جميع القلوب. انتهى. وقرأ ابن مسعود: (على قلب كل متكبر). وفي الآية ذم للمتكبر والجبار، وقال - ﷺ -: "يحشر الجبارون والمتكبرون يوم القيامة في صورة الذرّ يطأهم الناس لهوانهم على الله" وذلك لأنّ الصورة المناسبة لحال المتكبر الجبار صورة الذر، كما لا يخفى على أهل القلب.
٣٦ - ثمّ لمّا سمع فرعون هذا.. رجع إلى تكبّره وتجبّره، معرضًا عن الموعظة، نافرًا من قبولها ﴿وَقَالَ فِرْعَوْنُ﴾ اللعين لوزيره، قصدًا إلى صعود السموات لغاية تكبره وتجبره: ﴿يَا هَامَانُ ابْنِ لِي﴾ أمر من بني يبني بناء، ﴿صَرْحًا﴾؛ أي: قصرًا مشيدًا بالآجر؛ أي: بناء عاليًا رفيعًا مكشوفًا ظاهرًا لا يخفى على الناطرين، وإن بعد من الآجر وهو الطوب المحروق، كما قال في سورة القصص: ﴿فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا﴾ ولهذا كره الآجر في القبور، كما في "عين المعاني"؛ أي: لأنّ فرعون أول من اتخذه.
قال في "كشف الأسرار": كان هامان وزير فرعون، ولم يكن من القبط ولا من بني إسرائيل؛ يقال: إنه لم يغرق مع فرعون وعاش بعده زمانًا شقيًا محزونًا يتكفف الناس. ﴿لَعَلِّي أَبْلُغُ﴾ وأصعد من ذلك الصرح ﴿الْأَسْبَابَ﴾ والطرق العلوية
٣٧ - ﴿أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ﴾؛ أي: طرقها وأبوابها، وهو بيان للأسباب؛ لأن الشيء إذا أبهم ثم فسّر.. كان أوقع في النفوس، وأنشد الأخفش عند تفسيره للآية بيت زهير:

وَمَنْ هَابَ أَسْبَابَ الْمَنَايَا يَنَلْنَهُ وَلَوْ رَامَ أَسْبَابَ السَّمَاءِ بِسُلَّمِ
وقيل: أسباب السموات: الأمور التي يستمسك بها، وفي "فتح الرحمن": فإن قلت: ما فائدة التكرار هنا؟.
قلت: فائدته: أنه إذا أبهم ثم أوضح.. كان تفخيمًا لشأنه، فلما أراد تفخيم ما أمل بلوغه من أسباب السموات.. أبهمها ثم أوضحها. اهـ.
﴿فأطلع﴾ وأنظر ﴿إِلَى إِلَهِ مُوسَى﴾ بفتح الهمزة ونصب العين على جواب الترجي، وقرأ الجمهور ﴿فأطلع﴾ بالرفع عطفًا على ﴿أبلغ﴾، فهو على هذا داخل


الصفحة التالية
Icon