السلام، فقال: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْهُدَى﴾ تأنيسًا لمحمد - ﷺ -، وتذكيرًا لما كانت العرب تعرفه من قصة موسى عليه السلام. انتهى.
قوله تعالى: ﴿لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ﴾ الآيات، مناسبتها لما قبلها: أن الله (١) سبحانه لما ذكر (٢) فيما سلف أنهم يجادلون في آيات الله بغير سلطان، وكان من جدلهم أنهم ينكرون البعث، ويعتقدون استحالته، ويعملون أَقْبسة وَهْميّة وقَضايا جَدلية، كقولهم: ﴿أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (٧٧)﴾ وقولهم: ﴿وَكَانُوا يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (٤٧) أَوَآبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ (٤٨)﴾.. ذكر هنا برهانًا يؤيد إمكان حدوثه، ويبعد عن أذهانهم استحالته، وهو خلقه للسموات والأرض ابتداءً على عِظم أجرامهما، ومن قدر على ذلك.. فهو قادر على إعادتكم، كما جاء في الآية الأخرى: ﴿أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ﴾.
قوله تعالى: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ...﴾ الآيات، مناسبتها لما قبلها: أن الله سبحانه لما أثبت أن يوم القيامة حق، وكان المرء لا ينتفع فيه إلّا بطاعة الله، والتضرع له، وأشرف أنواع الطاعات الدعاء؛ أي العبادة لا جرم، أمر الله تعالى بها في هذه الآية، ولما كانت العبادة لا تنفع إلا إذا أقيمت الأدلة على وجود المعبود.. ذكر من ذلك تعاقب الليل والنهار، وخلق السموات والأرض، وخلق الإنسان في أحسن صورة، ورزقه من الطيبات.
أسباب النزول
قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ في آيَاتِ اللهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ...﴾ الآية، سبب نزولها (٣): ما أخرجه عبد بن حميد وابن أبي حاتم، قال السيوطي بسند صحيح عن أبي العالية: إن اليهود أتوا النبي - ﷺ - فقالوا: إن الدجال يكون منّا في آخر الزمان، ويكون من أمره كذا وكذا، فعظّموا أمره وقالوا: نصنع كذا وكذا، فأنزل الله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ في آيَاتِ اللهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ في صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ﴾، قال: لا يبلغ الذي يقول: ﴿فَاسْتَعِذْ بِاللهِ﴾ فأمر نبيّه

(١) المراغي.
(٢) المراغي.
(٣) الشوكاني.


الصفحة التالية
Icon