الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}، فعلى هذا هو من كلام المأمورين بالعبادة؛ أي: ولما كان تعالى موصوفًا بصفات الجلال والعزّة.. استحق لذاته أن يقال له: الحمد لله رب العالمين، ويجوز أن يكون من كلامه تعالى، على أنه استئناف لحمد ذاته بذاته. اهـ "شهاب".
والمعنى: أي هو سبحانه الحيّ الذي لا يموت، وما سواه فمنقطع الحياة، غير دائمها، لا معبود بحق غيره، ولا تصلح الألوهية إلا له، فادعوه مخلصين له الطاعة، ولا تشركوا في عبادته شيئًا سواه من وثن أو صنم، ولا تجعلوا له ندًّا ولا عدلًا، ثمّ أمر عباده أن يحمدوه على جزيل نعمه، وجليل إحسانه فقال: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٢)﴾؛ أي: احمدوه سبحانه، فهو مالك جميع أصناف الخلق، من ملك وإنس وجن، لا الآلهة التي تعبدونها، ولا تملك لنفسها نفعًا ولا ضرًّا، فضلًا عن نفع غيرها وضرّه.
الإعراب
﴿وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ (٤١)﴾.
﴿وَيَا قَوْمِ﴾ ﴿الواو﴾: عاطفة. ﴿يَا قَوْمِ﴾: منادى مضاف معطوف على المنادى الأول. ﴿مَا﴾: اسم استفهام للاستفهام التعجبي في محل الرفع مبتدأ، ﴿لِي﴾: جار ومجرور خبره، والجملة الاسمية، في محل النصب مقول ﴿قَالَ﴾ على كونها جواب النداء. ﴿أَدْعُوكُمْ﴾: فعل مضارع ومفعول به وفاعل مستتر. ﴿إِلَى النَّجَاةِ﴾: متعلق بـ ﴿أَدْعُوكُمْ﴾ والجملة الفعلية: في محل النصب حال من ضمير ﴿لِي﴾. ﴿وَتَدْعُونَنِي﴾ ﴿الواو﴾: حالية. ﴿تدعونني﴾: فعل وفاعل ومفعول به مرفوع بثبات النون والنون الثانية للوقاية، و ﴿الياء﴾: مفعول به. ﴿إِلَى النَّارِ﴾: متعلق بـ ﴿تدعونني﴾، وهذه الجملة (١) مستأنفة أخبر عنهم بذلك بعد استفهامه عن دعائه لهم، ويجوز أن يكون التقدير: وما لكم تدعونني إلى النار، وهو الظاهر، ويضعف أن تكون الجملة حالًا؛ أي: ما لي أدعوكم إلى النجاة حال دعائكم إياي إلى النار. اهـ "سمين". وعبارة أبي السعود: ﴿مَا لِي أَدْعُوكُمْ﴾: ﴿مَا﴾: مبتدأ، والظرف بعدها خبر عنها، وجملة

(١) الفتوحات.


الصفحة التالية
Icon