وَمَنْ عَاشَ شَبَّ وَمَنْ شَبَّ شَابَ | وَمَنْ شَابَ شَاخَ وَمَنْ شَاخَ مَاتَ |
والحاصل (١): أن ﴿اللام﴾ التعليلية في ﴿لِتَبْلُغُوا﴾: معطوفة على علة أخرى ليخرجكم مناسبة لها، والتقدير: لتكبروا شيئًا فشيئًا، ثم لتبلغوا غاية الكمال، وقوله ﴿ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا﴾ معطوف على ﴿لِتَبْلُغُوا﴾.
وقرأ نافع وحفص وأبو عمرو وابن محيصن وهشام: ﴿شُيُوخًا﴾ بضم الشين، وقرأ الباقون: بكسرها، وقرىء: ﴿شيخًا﴾ بالإفراد لقوله: طفلًا.
يعني: أن مراتب الإنسان بعد خروجه من بطن أمه ثلاث: الطفولية وهي حالة النمو، والزيادة إلى أن يبلغ كمال الأشد من غير ضعف، ثم يتناقص بعد ذلك وهي الشيخوخة، ﴿وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى﴾؛ أي: يقبض روحه ويموت ﴿مِنْ قَبْلُ﴾؛ أي: من قبل الشيخوخة بعد بلوغ الأشد أو قبله أيضًا، وقوله: ﴿وَلِتَبْلُغُوا﴾: متعلق (٢) بفعل مقدر بعده؛ أي: ولتبلغوا جميعًا ﴿أَجَلًا مُسَمًّى﴾؛ أي: وقتًا محدودًا معينًا لا تتجاوزونه هو وقت الموت، أو يوم القيامة يفعل ذلك؛ أي: ما ذكر من خلقكم من تراب وما بعده من الأطوار المختلفة، ولكون المعنى على هذا لم يعطف على ما قبله من ﴿لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ﴾ و ﴿لِتَكُونُوا شُيُوخًا﴾، وإنما قلنا: أو يوم القيامة؛ لأن الآية تحتوي على جميع مراتب الإنسان، من مبدأ فطرته إلى منتهى أمره، فجاز أن يراد أيضًا يوم الجزاء؛ لأنه المقصد الأقصى، وإليه كمِّيَّةُ الأحوال ﴿وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُون﴾؛ أي: ولكي تعقلوا ما في ذلك الانتقال من طور، إلى طور من فنون
(١) الشوكاني.
(٢) روح البيان.
(٢) روح البيان.