دون الله، ليغيثوكم وينقذوكم مما أنتم فيه من البلاء والعذاب؟ فيجيبون ويقولون: غابوا عنا، وأخذوا طريقًا غير طريقنا، وتركونا في البلاء، لا بل الحق أننا ما كنا ندعو في الدنيا شيئًا يعتد به، وهذا كما تقول: حسبت أن فلانًا شيء، فإذا هو ليس بشيء إذا خبرته فلم تر عنده خيرًا.
والخلاصة: أنهم اعترفوا بأن عبادتهم إياها كانت عبادة باطلة عاطلة ﴿كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكَافِرِينَ﴾؛ أي: كما أضل الله تعالى هؤلاء المجادلين، وأبطل كذلك يفعل بأعمال جميع من يدين بالكفر، فلا ينتفعون بشيء منها.
٧٥ - ثم بين السبب فيما يأتيهم من هذا العذاب، فقال: ﴿ذَلِكُمْ﴾ الإضلال أيا الكفار، والالتفات؛ للمبالغة في التوبيخ، أو ذلكم العذاب الذي نزل بكم وهو العذاب المذكور بقوله: ﴿إِذِ الْأَغْلَالُ﴾، قال ابن الشيخ: ولا يخلو عن بعد. ﴿بِمَا﴾ ﴿الباء﴾: سببية؛ أي: بسبب ما ﴿كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ﴾ وتبطرون وتتكبرون ﴿فِي الْأَرْضِ﴾؛ أي: في الدنيا ﴿بِغَيْرِ الْحَقِّ﴾ وهو الشرك والطغيان، و ﴿الباء﴾: صلة الفرح؛ أي: تفرحون فرحًا بغير الحق، وهو الفرح بمعاصي الله، والسرور بمخالفة رسله وكتبه، أو الفرح بالمال والأتباع والصحة ﴿وبـ﴾ سبب ﴿مَا كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ﴾ وتختالون وتتوسعون في العدوان. وفي "المفردات": الفرح: انشراح الصدر بلذة عاجلة، ولم يرخص إلا في الفرح بفضل الله ورحمته وبنصر الله، والمرح بفضل الله ورحمته وبنصر الله، والمرح: شدة الفرح والنشاط والتوسع فيه. كما سيأتي. والمعنى (١): أي هذا الذي فعلنا بكم اليوم من شديد العذاب بسبب فرحكم الذي كنتم تفرحونه في الدنيا، بارتكاب الشرك والمعاصي، ومرحكم وبطركم فيها بتمتّعكم باللّذّات
٧٦ - ﴿ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ﴾ السبعة المقسومة لكم، كما قال تعالى: ﴿لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ (٤٤)﴾ حال كونكم ﴿خَالِدِينَ فِيهَا﴾ أي: في جهنم؛ أي: مقدّرين الخلود فيها أبدًا ﴿فَبِئْسَ﴾ وقبح ﴿مَثْوَى﴾؛ أي: مقرّ ومنزل ﴿الْمُتَكَبِّرِينَ﴾ عن قبول الحق، والمخصوص بالذم: جهنم؛ أي: فحينئذ يقال ﴿بِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ﴾ على الله في الدنيا، من أن يوحدوه ويؤمنوا برسله.

(١) المراغي.


الصفحة التالية
Icon