فإذا غرغر، وبلغت الروح الحلقوم.. فلا توبة، ولهذا قال: ﴿وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمبطِلُونَ﴾ و ﴿هُنَالِكَ﴾ (١): اسم مكان، في الأصل موضوع للإشارة إلى المكان، وقد استعير في هذا المقام للزمان، لأنه لم أشير به إلى مدلول قوله: ﴿لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا﴾ و ﴿لَمَّا﴾ للزمان.. تعيَّن أن يراد به الزمان، تشبيهًا له بالمكان في كونه ظرفًا للفعل كالمكان.
والمعنى على ما قال ابن عباس - رضي الله عنهما - هلك الكافرون بوحدانية الله تعالى، المكذبون بها وقت رؤيتهم البأس والعذاب. وقال الزجاج: الكافر خاسر في كل وقت، ولكنه تبيّن لهم خسرانهم، إذا رأوا العذاب، ولم يرج فلاحهم، ولم يقل: ﴿وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمبطِلُونَ﴾ كما قال فيما سبق، لأنه متصل بإيمان غير مسجد، ونقيض الإيمان: الكفر كما في "برهان القرآن"؛ أي فحسن موقعه هنا، كما حسن موقع قوله: ﴿الْمبطِلُونَ﴾ هناك على ما عرف سره في موضعه.
الإعراب
﴿قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَمَّا جَاءَنِيَ الْبَيِّنَاتُ مِنْ رَبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (٦٦)﴾.
﴿قُلْ﴾: فعل أمر وفاعل مستتر يعود على محمد، والجملة: مستأنفة. ﴿إِنِّي﴾: ناصب واسمه. ﴿نُهِيتُ﴾: فعل ماض مغير الصيغة ونائب فاعل، والجملة الفعلية، في محل الرفع خبر ﴿إن﴾ وجملة ﴿إن﴾: في محل النصب مقول لـ ﴿قُل﴾، ﴿أَن﴾: حرف نصب ومصدر. ﴿أَعْبُدَ﴾: فعل مضارع وفاعل مستتر يعود على محمد. ﴿الَّذِينَ﴾: اسم موصول في محل النصب مفعول ﴿أَعْبُدَ﴾ والجملة الفعلية مع ﴿أَن﴾ المصدرية: في تأويل مصدر منصوب بنزع الخافص تقديره: قل: إني نهيت عن عبادة الذين. وجملة ﴿تَدْعُونَ﴾ صلة الموصول، والعائد: محذوف، تقديره: تدعونهم. ﴿مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾: جار ومجرور حال من فاعل ﴿تَدْعُونَ﴾؛ أي: مجاوزين الله، أو من العائد المحذوف. ﴿لَمَّا﴾: ظرف بمعنى حين في محل النصب على الظرفية مبني على السكون لشبهها بالحرف شبهًا افتقاريًا، والظرف: متعلق

(١) روح البيان.


الصفحة التالية
Icon